Encyclopedia of Groups Attributed to Islam - Al-Dorar Al-Sunniya
موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية
प्रकाशक
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
शैलियों
وإن أراد بإطلاقه نفي الجسم عن الله تعالى أنه ليس جسمًا مثل سائر الأجسام التي تتكون من أجزاء متفرقة فهو صواب فإن الله تعالى ليس كمثله شيء ومع تصويبه فإنه مخطئ في إطلاق هذه العبارة التي أحدثها علماء الكلام فإنه لم يعهد عن السلف أن أطلقوا لفظ الجسم على الله لا نفيًا ولا إثباتًا فإن كان ولا بد من إطلاقها فلتكن بالألفاظ الشرعية التي تدل على تنزيه الله تعالى على الإطلاق مثل ليس كمثله شيء وقل هو الله أحد وله المثل الأعلى وغير ذلك من الألفاظ العامة المشتملة على التنزيه الصحيح كما تقدم وأما إن أريد بهذا الإطلاق نفي الجسمية عن الله تعالى بمعنى نفي صفاته الثابتة بالكتاب والسنة كالاستواء والنزول والوجه والسمع والبصر إلى آخر صفاته ﷿ – وهو ما يهدف إليه علماء الكلام فهذا النفي باطل بهذا المعنى لأن إثبات هذه الصفات لا يلزم منه وقوع التشبيه الذي حذره هؤلاء المبطلون بزعمهم فإن تصور إثبات الصفات أنه يقتضي التشبيه هو نفس التشبيه المذموم فإن النافي للصفات لم ينفها إلا بعد أن أصبح مشبهًا فيها فوقع في الخطأ الذي جره إلى خطأ أكبر منه وهو إثبات ذات خالية عن الصفات وهو أمر لا يمكن وقوعه إلا في تخيلات الذهن وهي تخيلات فاسدة وأما في خارج الذهن فلا يمكن وجودها.
وفي هذا يقول شيخ الإسلام ﵀:"فمن قال أنه جسم وأراد أنه مركب من الأجزاء فهذا قوله باطل وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات فقد علم بالشرع والعقل" أن الله ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت لله مثلًا في شيء من صفاته فهو مبطل، ومن قال أنه جسم بهذا المعنى فهو مبطل ومن قال أنه ليس بجسم بمعنى أنه لا يرى في الآخرة ولا يتكلم بالقرآن وغيره من الكلام ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء ولا عرج بالرسول ﷺ إليه ولا يصعد إليه الكلم الطيب ولا تعرج الملائكة والروح إليه فهذا قوله باطل وكذلك كل من نفى ما أثبته الله ورسوله وقال إن هذا تجسيم فنفيه باطل وتسمية ذلك تجسيمًا تلبيس منه فله إن أراد أن هذا في اللغة يسمى جسمًا فقد أبطل وإن أراد أن هذا يقتضي أن يكون جسمًا مركبًا من الجواهر الفريدة أو من المادة والصورة أو إن هذا يقتضي أن يكون جسمًا والأجسام متماثلة، قيل له، أكثر العقلاء يخالفونك في تماثل الأجسام المخلوقة وفي أنها مركبة فلا يقولون أن الهواء مثل الماء ولا أن الحيوان مثل الحديد والجبال فكيف يوافقونك على أن الرب تعالى يكون مماثلًا لخلقه إذا أثبتوا له ما أثبت له الكتاب والسنة والله تعالى قد نفى المماثلات في بعض المخلوقات وكلاهما جسم كقوله تعالى وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:٣٨]. مع أن كلاهما بشر فكيف يجوز أن يقال إذا كان لرب السماوات علم وقدرة أن يكون مماثلًا لخلقه والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله (١).
(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٣١٧).
1 / 158