ﷺ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ، وَلاَ تُفْطِرُ إِلاّ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ يَوْمَ فِطْرٍ»، وفي رواية: «أَنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاَانَتْ تَسْرِدُ الصَّوْمَ (١)» (٢).
ثانيًا: كرمها وجودها:
كانت عَائِشَة ﵂ جوَّادةً كريمةً كثيرة الصدقات، لا يكاد يقر بيدها المال حتى تنفقه على الفقراء والمساكين، فقد باعت عَائِشَة ﵂ دارًا لها بمائة ألف دينار ثم قسمت الثمن على الفقراء، فعتب عليها عبد الله بن الزبير، فعن عروة بن الزبير ﵁، قال: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ البَشَرِ إِلَى عَائِشَة بَعْدَ النَّبِيّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إِلا تَصَدَّقَتْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا (٣)، فَقَالَتْ: "أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ؟!، عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ"، فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ (٤) أَخْوَالُ النَّبِيّ ﷺ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
= ينظر في ترجمته: معجم الصحابة ٤/ ٥٢٦، ومشاهير علماء الأمصار ص (٤٠)، ومعرفة الصحابة ١/ ١٦٨.
(١) أي: أنها كانت تصوم الأيام التي لم يرد في حقها النهي عن صومها كالعيدين وأيام التشريق، وأيام الحيض، وهذا يزيل إشكال: "أنها كانت تصوم الدهر"؛ لأنه وردت أحاديث تنهي عن صيام الدهر، والمقصود هنا: أنها كثيرة الصيام.
ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٢١، وشرح السيوطي على مسلم ٣/ ٢٤٥. ...
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨/ ٥٤،٥٩، والفريابي في الصيام ص (١٠٠)، رقم (١٣١)، وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢/ ١٨٧، وقال محققو السير ٢/ ١٨٧: "أخرجه ابن سعد ورجاله ثقات".
(٣) أي: يحجر عليها وتمنع من الإعطاء. ينظر: عمدة القاري ١٦/ ٧٧.
(٤) الزُّهْرِيُّونَ: هم المنسوبون إلى زهرة، واسمه: المغيرة بن كلاب. ينظر: عمدة القاري ١٦/ ٧٧.