इराक में फारसी राज्यों का इतिहास
تاريخ الدول الفارسية في العراق
शैलियों
2
على هذا الفاتح، فلم يغن تلك الممالك ذلك التحالف الثلاثي؛ لأن كورش حمل بجيوشه الفارسية على الليديين أولا وقرض دولتهم سنة 546ق.م، وتوغل في آسيا الصغرى وضم إلى مملكته بلاد مستعمرة الإغريق التي كانت على شواطئ آسيا الصغرى، ثم فتح «بخارى» و«مرو» و«ديار الأفغان» و«بلوبحستاك»، ثم حول نظره إلى مملكة «بابل» فحمل عليها سنة 538ق.م بجيش جرار، فخرج للدفاع بلطشاصر ابن الملك البابلي بنو ناهيد، وبعد عدة معارك انكسرت في جميعها الجنود البابلية.
وقع بلطشاصر قتيلا في المعركة الأخيرة، وانهزمت جيوشه وتحصنت في عاصمة الملك مدينة بابل، فألقى الحصار عليها كورش بعد أن استولى في طريقه على عدة مدن، وبعد حصار طويل دافع في خلاله البابليون دفاع الأبطال، استولى كورش على «بابل» عنوة، وأسر الملك نبوناهيد وأهله وساقهم إلى «كرمان».
3
وعلى إثر سقوط مدينة «بابل» عاصمة «العراق»، سلمت جميع المدن العراقية لكورش في السنة نفسها (سنة 538ق.م)، وانقرضت الدولة البابلية الثانية أو المملكة الكلدانية على يد هذا الفاتح، بعد أن دامت 73 سنة كما تقدم. (1) كورش والبابليون
دخل كورش مدينة «بابل» - كما يقول المؤرخون - دخول منقذ مصلح، فلاقاه أهلها بالتهليل والتصفيق - شأنهم مع كل فاتح - واستقبلوه بالترحيب والسرور، وتلك عادتهم مع كل قوي؛ فأظهر لهم الولاء والرقة والرأفة، وجاملهم وعطف عليهم ووالاهم وسايرهم، وبالغ في احترام دياناتهم وعاداتهم وأميالهم، وأطلق لهم الحرية التامة في العلم والعمل والدين، وأبقى قوانين البلاد وشرائعها على حالها، واقتدى بملوكهم الأولين؛ فدخل هيكل الإله «بيل» ومسك بيده وقرب للآلهة القرابين، وقدم لهم التحف.
4
واتخذ لقب ملك بابل لنفسه، وعمل كل ما من شأنه أن يجذب إليه قلوب البابليين، ولم يخرب شيئا من بلادهم؛ لذلك لم يسقط من مدن العراق شيء، وبقيت مدنه جميعها زاهرة عامرة، من جملتها مدينة «أور» فإنها كانت في عهده عامرة زاهرة، ولكنها كانت حينذاك من أصغر المدن العراقية، ومع ذلك فإن كورش سعى لتجديد بعض هياكلها، وقام بعمل في سبيل خدمة هيكل الإله القمر - إله أور - وقد وجد النقابون أخيرا في أطلال هذه المدينة سنة 1923م آجرة كتب عليها اسم هذا الفاتح، استدلوا منها على أنه عمر وجدد هذا الهيكل، ويقول بعض المؤرخين إنه جدد عدة هياكل كانت في مدن العراق، وأرجع كلا إلى موضعه من تماثيل الآلهة التي كان قد جمعها في مدينة «بابل» الملك نبونا هيد من المدن العراقية أثناء الحرب لتنصره على كورش.
ولم يشتهر كورش بسياسته الرشيدة ومراعاته عواطف الشعوب واحترامه لدياناتهم وعاداتهم وأميالهم فحسب، بل إنه اشتهر بتنشيط التجارة وتوسيع الزراعة، كما اشتهر بالفتوحات والانتصارات؛ لذلك تمتع العراقيون في عهده بالحرية التامة، وكثرت ثروة بلادهم، واتسع نطاق الزراعة في أرضهم، بما حفره هذا الملك من الترع والأنهار، وما بثه من العدل والأمن في أنحاء البلاد؛ ومن أجل ذلك أحبوه كثيرا حتى إن أكثرهم تجندوا وقاتلوا في الحروب تحت رايته، مع إن سكان البلاد كانوا حينذاك قد قل عددهم على ما يقوله بعض المؤرخين.
وبعد أن تم أمر كورش في العراق أناب عنه نائبا فيها أحد قواده، وضرب عليها خراجا معلوما - ضريبة سنوية - وسار بجيوشه قاصدا فتح سورية، فافتتحها ثم افتتح فلسطين سنة 536ق.م، وعلى إثر فتحه فلسطين أصدر أمرا بإطلاق حرية اليهود المأسورين في «بابل» من عهد الملك بختنصر، وأذن لهم بالرجوع إلى وطنهم «أورشليم» وفي بناء الهيكل، بعد أن داموا بالأسر أعواما ذاقوا فيها أنواع المصائب وضروب النوائب، وولى على فلسطين زربابل أحد أحفاد يهوياكيم، ولقبه بلقب «بها»؛ أي الحاكم بالفارسية، فسار من العراق نحو الستين ألفا منهم إلى وطنهم، واختارت جماعة كبيرة منهم السكنى في العراق.
अज्ञात पृष्ठ