इराक में फारसी राज्यों का इतिहास
تاريخ الدول الفارسية في العراق
शैलियों
وتولى بعد عضد الدولة ابنه صمصام الدولة أبو كاليجار، فخلع عليه الخليفة على جري العادة وخطب له على المنابر، ولكنه لم يكن كأبيه؛ فأساء السيرة مع العراقيين، وطرح عليهم كثيرا من الرسوم، حتى إن أهل «بغداد» كادوا يثورون عليه؛ فمن ذلك أنه لما احتاج إلى المال سنة 375ه ضرب ضريبة على ثياب الحرير والقطن التي تنسج في «بغداد» ونواحيها، وأمر بإحصاء ما سيجبى من تلك الضريبة، فبلغت مليون درهم في السنة، وعلى أثر صدور هذا الأمر ثار أهل «بغداد» واجتمعوا في جامع الخلفاء وعزموا على الامتناع من صلاة الجمعة، فاضطربت الأحوال واضطر صمصام الدولة إلى إلغاء هذه الضريبة.
ولما كانت سنة 373ه حدثت وحشة بين صمصام الدولة وبين أخيه شرف الدولة أبي الفوارس، وكان الثاني عالما بعدم رضاء أهل «بغداد» وجنودها على صمصام الدولة وكرههم له وشغبهم عليه لسوء تدبيره، فاغتنم فرصة ذلك الاضطراب وزحف من «الأهواز» على «العراق» بخمسة عشر ألف مقاتل من الديلم، فاستولى على «البصرة» وولى عليها أخاه أبا الحسين، ثم ولى عليها أبا طاهر بن عضد الدولة.
فبلغ ذلك صمصام الدولة، فأرسل لقتاله جيشا بقيادة الأمير أبي الحسن بن دبعش، فجهز شرف الدولة له جيشا بقيادة الأمير دبيس بن عفيف الأسدي، فانهزم جيش صمصام الدولة وأسر قائده، ثم ولى في سنة 374 حماية الكوفة أبا طريف عليان بن ثمال الخفاجي، وعلى أثر ذلك في سنة 375ه عصى بالبصرة أبو طاهر بن عضد الدولة واستقل بها، فأرسل شرف الدولة جيشا فانتصر عليه وقبض على أبي طاهر، ولما رأى صمصام الدولة قوة شرف الدولة أرسل يطلب الصلح، فاستقر بينهما على أن يخطب لشرف الدولة بالعراق قبل صمصام الدولة، ويكون صمصام الدولة نائبا عنه، فلما كانت سنة 376ه عادت الفتن بينهما، فسار شرف الدولة بجيوشه حتى وصل «واسطا» واستولى عليها.
فشغب الجند ببغداد على صمصام الدولة وأجمعوا على تسليم الملك إلى أخيه شرف الدولة، وكتبوا إليه يستقدمونه، فخاف صمصام الدولة اتساع الخرق، فسار بجماعة من رجاله إلى «واسط» ليصالح أخاه، فلما التقى به طيب قلبه وأكرمه، ولما أراد الرجوع إلى «بغداد» وخرج من منزل شرف الدولة، قبض عليه واعتقله وسار نحو «بغداد» ومعه أخوه المعتقل، فدخلها بدون حرب وذلك في رمضان سنة 377ه.
وفي أيامه قويت شوكة «باذ الكرذي الحميدي»، وكان قد استولى على «ديار بكر» و«ميافارقين» و «نصيبين»، فأرسل صمصام الدولة جيشا لقتاله، فانتصر «باذ» بعد عدة معارك ثم استولى على «الموصل» في سنة 373ه، وأقام فيها وقوي أمره حتى طمع في «بغداد»، فخافه صمصام الدولة، فأرسل جيشا كثيفا بقيادة زياد بن شهراكويه الديلمي، فدارت بينها رحى الحرب في سنة 374ه، فانكسر «باذ» وانهزم بأصحابه وعادت «الموصل» إلى البويهيين. (6) شرف الدولة 377-379ه
دخل شرف الدولة «بغداد» فركب إليه الخليفة الطائع وهنأه وعهد إليه بالسلطنة، وتوجه وألبسه سوارين وخلع عليه، وأمر فقرئ عهده وخطب له على المنابر، وصار له لقب «السلطان» بدلا من لقب «أمير الأمراء»، فأحسن شرف الدولة السيرة ووجه نظره إلى أحوال المملكة، وشرع يصلح ما أفسدته الفتن المتوالية؛ فرد الأملاك المغصوبة إلى أهلها، منها أموال النقيب أبي أحمد والد الراضي، وأموال الشريف محمد بن عمر الكوفي، وأقر على الناس مراتبهم، ثم وجه نظره إلى تشجيع العلوم والفنون ، وبنى مرصدا في طرف بستان دار المملكة ببغداد، وجمع فيه الفلكيين وأمرهم برصد الكواكب، فرصدوها له، منهم أبو سهل ويجن الكوهي وذلك سنة 379ه، وأكرم هذا السلطان العلماء وقربهم، ولم يحدث في أيامه بالعراق ما يخل بالنظام غير حادثتين وقعتا في «بغداد»: الأولى أن عساكره الذين كانوا نحو الخمسة عشر ألفا من الديلم، استطالوا على جنود الأتراك الذين كانوا في المدينة، وحدثت بينهم منازعة عن دار وإصطبل، وآلت المنازعة إلى القتال داخل «بغداد»، فانتصر الديلم لكثرتهم وانخذل الأتراك لأنهم كانوا يوم ذاك ثلاثة آلاف رجل، فنادى الديلم بإعادة صمصام الدولة إلى الملك فارتاب منهم شرف الدولة، ووكل بصمصام الدولة من يقتله إن هموا بذلك.
ولما انخذل الأتراك لقلتهم ورأوا أنفسهم غير قادرين على الانتقام من الديلم لكثرتهم، التجئوا بالأهلين من السنة، فاتفقوا معهم فانتصروا على الديلم بمساعدتهم وفتكوا بهم وشتتوهم، فاعتصموا بشرف الدولة، فأصلح بينهم وحلف بعضهم لبعض، وعلى أثر هذه الحادثة أرسل شرف الدولة أخاه صمصام الدولة مسجونا إلى بلاد «فارس»، فاعتقل هناك.
أما الثانية، فهي أن قائد الجيوش «قراتكين» الذي كان قد أفرط في الدولة حتى صار حملا ثقيلا على شرف الدولة، حدثت بينه وبين منصور بن صالحان وزير شرف الدولة وحشة، فأغرى الجنود بالشغب على الوزير، فثاروا عليه وأسمعوه ما يكره، فانبسط لهم الوزير ولاطفهم فسكنوا، فأصلح شرف الدولة بين الوزير والقائد وشرع سرا في تدبير الخلاص من القائد حتى تمكن بعد أيام قليلة من القبض عليه وعلى جماعة من أنصاره وصادر أموالهم، فشغب الجند فقتل شرف الدولة القائد وولى مكانه «طغان الحاجب»، فسكن الجيش وأخلد إلى السكون، وتوفي شرف الدولة ببغداد سنة 379ه.
وفي هذه السنة (سنة 379ه) استولى على «الموصل» أبو طاهر إبراهيم، وأبو عبد الله الحسين ابنا ناصر الدولة بن حمدان. (7) بهاء الدولة 379-403ه
وتولى الأمر بعد شرف الدولة أخوه أبو نصر بهاء الدولة بن عضد الدولة، فركب الخليفة الطائع إليه ودخل عليه يعزيه بأخيه، فقبل أبو نصر الأرض بين يدي الخليفة وأظهر له احتراما عظيما، ثم عاد الخليفة إلى قصره، فحضر عنده الوجوه والأمراء والعلماء وأبو نصر، فخلع عليه الخليفة سبع خلع وطوق عنقه بطوق كبير من ذهب، وألبسه سوارين من الذهب، ومشى الحجاب بالسيوف بين يديه، فقبل الأرض بين يدي الخليفة وجلس على كرسي أعد له، فقرئ عهده ولقبه الخليفة «بهاء الدولة».
अज्ञात पृष्ठ