पोस्टमॉडर्निटी के रास्ते
دروب ما بعد الحداثة
शैलियों
وتبجيلها المبالغ فيه لفكرة الكلية، إلى التعددية الراسخة ما بعد الحداثية، تعددية المجال المتنافر اللامتجانس لأساليب الحياة وألعاب اللغة التي تخلت عن دافع الحنين إلى الكليات وإلى شرعنتها. وعلى العلم والفلسفة أن يتخليا بالتالي عن ادعاءاتهما الميتافيزيقية الفخمة والنظر إلى ذاتهما بتواضع أكبر، باعتبارهما فئة أخرى بالضبط من الروايات.»
53
هذا النص يلخص تماما الموقف ما بعد الحداثي من فكرة الكلية والشمولية والأنساق المغلقة، وفي مقابل ذلك يختص فلاسفة ما بعد الحداثة بالتعددية والاختلاف والتشظي.
في كتابه «الوضع ما بعد الحداثي» (1979م) يعلن ليوتار وفاة «السرديات الكبرى» أو الحكايات الميتافيزيقية
méta-récits ، ويقصد بها التصورات الشمولية التي كانت سائدة إبان عصر الحداثة، والتي تعتمد في بنائها على تصور كلي، كالروح المطلق وخلق الثروات والشيوعية والديمقراطية والنزعة الإنسانية والروح العلمية ... إلى آخر تلك الأفكار التي أطلقها الغرب وأثبت الواقع فشلها «ذلك أن معسكر التعذيب في أوشفيتز ينتقص القول العقلاني، وتجبر وعناد ستالين يفندان الأطروحة الإنسانية، واندلاع ثورة مايو 1968م إيذانا بانزلاق مزاعم الليبرالية في هوة سحيقة.»
54
وقد ميز ليوتار على الخصوص بين ثلاث من تلك السرديات وهي: العلم الوضعي باعتباره مفتاحا للتقدم البشري، على ما يقول ماخ، وهرمينوطيقا (المعنى) باعتبارها مفتاحا للتكوين الذاتي البشري على ما يذهب إليه همبولت والمثالية الألمانية، والصراع الطبقي كمفتاح لخلاص الجنس البشري أو الإنسان على ما يقول ماركس. إلا أن هذه الميتاحكايات أو السرديات الثلاث قد ظهر فسادها على الرغم من كل ما قدمته من قضايا ونظريات عامة كلية وشاملة، وهو الشمول الذي يرفضه ليوتار وفلاسفة ما بعد الحداثة، ويقفون منه موقف التشكيل والمعارضة؛ فمشروعية المعرفة في مجتمع ما بعد الحداثة تتم عن طريق أمور أخرى بعد أن فقدت هذه الأساطير مصداقيتها، ولم يعد هناك في نظر ليوتار أي أسطورة أو قصة أو حكاية عليا مسبقة، كما لم يعد هناك أي صورة واحدة أو صيغة واحدة للخطاب يمكن أن تقوم وتعلو وترتفع فوق غيرها من الصور أو الصيغ، كما أنه لم يعد هناك شكل واحد للمعرفة يمكن اعتباره أساسا لبقية أشكال المعرفة الأخرى، وإنما هناك بدلا من ذلك أشكال وأنواع وصيغ متعددة لما يسميه الألعاب اللغوية، وهو مصطلح مستمد من كتابات فتجنشتاين المتأخرة كما سبق لنا القول، وتقوم فكرته عند ليوتار على أساس أنه لكي نعرف معنى كلمة أو عبارة ما فلا بد من أن نعرف طريقة استخدامها، وكيف تؤدي دورها في التفاعل بين الناس. وعلى ذلك، فليس هناك لغة ماورائية (أو ميتا-لغة) واحدة يمكن أن تضم كل أشكال وألوان العبارات والتعبيرات وتؤلف خلفية أو أرضية لها كلها. وإذا كان العلم يصدر أحكاما وتعبيرات معرفية، فإن هناك أنواعا أخرى كثيرة من التعبيرات تخرج عن نطاق العلم مثل التعبيرات الأدائية، فحين يعلن رئيس جامعة - مثلا - أن العام الدراسي قد بدأ، فإن هذه العبارة لا تؤلف تعبيرا أو حكما معرفيا، وإنما هي تعبير عن فعل أدائي فحسب. وعلى ذلك فإن قواعد وشروط الخطاب ليست مقررة سلفا، وإنما هي تظهر وتتضح أثناء الحديث نفسه. ولذا فقد يكون من التعسف محاولة إقرار وفرض نوع واحد أو شكل واحد من أشكال الخطاب أو التفكير، وليوتار يصف مثل هذه المحاولات بأنها «شمولية» أو «فاشية» أو حتى «إرهابية» خليقة بأن تقابل بالرفض لأنها تهدف إلى تحطيم الآخر. والخلاصة من هذا كله، هي عدم وجود قاعدة عامة أو دستور أو قانون كلي
Code
مطلق للمعرفة وعدم وجود أي معيار كلي مطلق للصدق، وأن ما بعد الحداثة تؤلف من الناحية المعرفية البحتة الخطوة أو الحركة الأخيرة في (الحرب ضد الشمولية) والكلية والعمومية التي كانت تسيطر على الفكر الغربي الحديث حتى منذ ما قبل أيام ماكس فيبر.
55
अज्ञात पृष्ठ