अल-दुर्र अल-मुंतखब फ़ी तकमीलत तारीख हलब
الدر المنتخب في تكملة تأريخ حلب
शैलियों
أبن الأثير الحلبي تاج الدين أبو العباس بن شرف الدين أبي الفضل كاتب الإنشاء ثم صاحب ديوان الإنشاء ذكره الإمام أبو الثناء محمود بن سلمان في تاريخه فقال فيه إمام عصره وأوحد دهره في كتابة الإنشاء لم يدرك شأوه فيها ولا شق غباره في إتقانها كلامه كله در منقح محرر سهل ممتع حلو الألفاظ شريف المعاني جميل العرض حسن الانسجام ثابت على النقد متناسب المقاصد ملوكي الطريقة مجيد في سائر الفنون وله أيضا نظم رائق قال الشهاب محمود وكان مع ذلك كثير الحفظ قل أن يجارى في مذاكرة أو يبارى في محاضرة بت في خدمته الليالي في الأسفار فرأيته في كل فن تستدعيه المذاكرة كالبحر مع الإتقان وصحة النقل وإبانة ما تصحف على الرواة وكان رحمه الله تعالى فريد زمانه في المروة ومكارم الأخلاق والفتوة والأريحية والعصبية وكبر النفس والنزاهة والمكارم كتب الإنشاء في الدولة الناصرية الصلاحية وكان من المتقدمين عند السلطان الملك الناصر ثم في الدولة الظاهرية بالشام مدة لطيفة ثم استدعي إلى مصر واستمر إلى هذه السنة يعني سنة إحدى وتسعين معظما عند الملوك ونوابهم وحين توفي القاضي فتح الدين محمد ابن عبد الظاهر رحمه الله جعله الملك الأشرف صاحب ديوان الإنشاء مكانه فأقام أياما لطيفة ومرض في طريق الديار المصرية وتوفي بغزة وأورد المولى العلامة شهاب أبو الثناء محمود في تاريخه في فتح طرابلس سنة ثمان وثمانين وستمائة كتابا عن السلطان الملك المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن يبشره بفتح طرابلس من إنشاء المولى القاضي تاج الدين أحمد ابن الأثير مضمونه أعز الله أنصار المقام العالي السلطاني الملكي المظفري الشمسي ولا زالت أولياؤه في نصرة الإسلام مشمرة الذيل ملحقة الخيل بالخيل مقبلة على الجهاد إقبال السيل مائلة إلى جهة النصر كل الميل عاقدة بسنابك جيادها سماء نجومها الأسنة وعجاجها الليل تنشد الإسلام ضواله الشوارد وتخلي من أعدائه المعاقل وتحل منهم المعاقد وتجلو عليهم مواقف الحرب مستعرة المواقد وتبعث إليهم من الرعب خيلا في المراقب وخبالا في المراقد إلى أن يبلغ أقاصي المراد وتملك نواصي العباد وتفترع صياصي البلاد وتطيع من الأرض عواصي التلاع والوهاد والتهاني من عادتها أن تستدعي سرور القلوب وتستخرج من الحمد خبايا الألسنة إذ استخرج سواها خبايا الجيوب وتسري من النفوس مسرى الأرواح في الأجسام وتقبل على الآمال إقبال النور على الظلام لا سيما تهنئة لت على إدالة الحق على الباطل وأعادت الحلي إلى العاطل وتقاصت الديون المنسية وأذكرت الإسلام وقائعه الأمسية وأخذت ثأره ممن أخفر له الذمم واستقادت ممن في خديه صعر أو في أنفه شمم فإذا كانت بهذا الوصف كانت في المدح أبرع وإلى القلوب أسرع ولمرعى القبول أمرع ترتاح إليها الأسماع والأبصار وتود كل خارجة لو كانت فيها من المهاجرين والأنصار ومن حقها أن ترفع لها الحجب وترفل بها المحامد إرفال النجب وتستدعى المؤيد من لطف الله بدينه الذي ارتضاه وتحمده على الإعانة لسيفه الذي جرده لنصرته وانتضاه وهذه الخدمة تقصر من أنباء البشرى كل ما يسري ويسر وتمري أخلاف النصر وتمر وتظهر منه عناية الله بهذه الأمة التي خصها منه بالمقة وخص عدوها بالمقت وأن حقوقها لا تضاع وإن اغتصبت في وقت وهو الهناء بما تسنى من فتح طرابلس الشام وانتقالها بعد الكفر إلى الإسلام وهو فتح طال عهد الإسلام بمثله وقد فت في عضد الشرك وأهله لم يجل أمره في خلد ولا فكر ولا ترقت إليه همة عوان من الأيام ولا بكر طريدة دهر ساقتها العزائم وضالة أمل ما نشدتها الأماني إلا عادت عنها وقد جرت ذيول الهزائم مرت عليها الأيام والليالي وعجز عنها من كان العصر الخوالي لم تزل الملوك تتحاماها وإذا أخطرتها الظنون في بال تخشى أن تحل حماها وكنا لما أفضى الله إلينا بأمور الملك وأنقذ بنا من الهلك عاهدناه أن نغزو أعداءه برا وبحرا ونوسع من يعذبه قتلا وأسرا ونجعل شعائر الجهاد منصوبة ونسترجع حقوق الاإسلام المغصوبة ونورد المشركين موارد الحرب المفضية بهم إلى الحرب ونجليهم عن البلاد كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجلاء طوائف المشركين عن جزيرة العرب فلما أمكنت الفرصة وأخذنا في أمرهم بالعزيمة دون الرخصة جئناهم مثل السيل إذا طمى والسحاب إذا همى والبحر وأمواجه والبر وثجاجه والليل ونجومه والليث وهجومه فزلزلنا أقدامهم وأزلنا إقدامهم وأذقناهم بأسنا مرة ومرة
पृष्ठ 263