ولو تأمل من أشير إليه لفرق وتيقن أن صرف الزكاة في جهاد ظالم أو كافر، أو إزالة منكر، أو تأليف رجل يقع بتأليفه قوة لشوكة الحق، وتوصل إلى نعش الإسلام، من أعظم القرب وأجلها، وأنه لا يحل نفع الفقير أو فقيرين في محلها، وأن حصول ذلك يثبت تلك الزكاة وما سلم منها وأعطاه مما ينبغي أن تقر به عينه وتطيب به نفسه، وأنه بذلك يكون مشاركا في الجهاد، ونائلا به نصيبا يستجاد.
وهذا [حين الفراغ] من إملاء ما أردنا ذكره في هذا المختصر من مسائل الإمامة الخاصة منها والعامة، حسب ما أشار إليه السائل وعول عليه، وتركنا منها ما لم تشر أسئلته إلى ذكره، ومالا خفاء منها في أمره.
ولنختم الكلام بذكر أطراف من ذلك السؤال، وألفاظ مما
أورد من المباحثة الحسنة والمذاكرة المستحسنة، وأجاد فيها المقال.
قال: هل مسألة الإمامة قطعية أو ظنية؟ ثم ما القطعي من شروطها وتفاريعها ومستتبعاتها؟
أقول: قد ذكرنا في هذا الإملاء المبارك أدلة مسألة الإمامة أصولها وفروعها، واستقصينا ما يعول عليه من مآخذها، ولم نجد ما هو فوق ذلك في شيء من مظانه بعد البحث المستوفى عن ذلك، وأشرنا إلى ما سبق منا في المراسلة الدائرة بيننا وبين حي الفقيه الأفضل جمال الدين علي بن محمد البكري، قدس الله روحه ونور ضريحه، فليتأمل السائل ما ذكرناه من الأدلة، وما رد عليها، فهو بحمد الله تعالى لا يعزب عنه ما هو قطعي منها، ينتهي إلى العلم اليقين، وما ليس كذلك فالإتفاق على الأدلة تغني عن ذكر حكمها في إفادة القطع وعدمه، إذ قد صارت غير مجهولة بل معروفة وموضحة للواقف عليها مكشوفة، وغير بعيد أن يختلف حال الناظرين في الأدلة، فمنهم من توصله إلى العلم، ومنهم من لا تبلغ به إليه، بل إلى درجة الظن، كما أن أنظارهم تختلف.
पृष्ठ 205