وأجاب: بأن هذا الحكم مما إذا حسن وجب؛ لأن الإمامة وجبت لمصلحة عامة، فإذا جاز له التنحي لتلك المصلحة وجب عليه، لأن رعاية المصلحة وهو وجوب الإمامة من الأصل.
قال: ولا يقال: إن التنحي المنصوص على جوازه يقع برضى المتنحي، فكيف يقاس عليه ما لم يقع برضاه، وهو دعوة غيره بعد دعوته.
قال: لأنه لا عبرة برضى المتنحي إذا كان المتنحي(1) قد وجب عليه، لأن القصد رعاية مصلحة الأمة لا مصلحته وحده، والحق في ذلك لله تعالى لا له فلا عبرة برضاه.
هذا حاصل ما ذكره في (الغيث)، وقد استوفى الكلام في هذا المعنى وأجاد فيه، وإن كان عند تدقيق النظر والمبالغة في النقادة بالروية الوقادة لا يخلو عن نظر، والله سبحانه أعلم.
ثم لنعد إلى الكلام على أصل هذا الشرط.
فنقول: الظاهر من مذهب الزيدية وجمهور المعتزلة، وكثير من الأمة أنه لا يصح قيام إمامين معا في وقت واحد، ولا يصح قيام المتأخر منهما إن سبق أحدهما بالدعاء، هكذا حكى القاضي عبد الله، وفي (الغايات) نسبة هذا القول إلى المعتزلة جملة، وبعض الزيدية، قال القاضي: الخلاف في ذلك مع عباد بن سليمان، ومحمد بن سلام الكوفي، وحكاه في (زوائد الإبانة) عن كثير من السادة والعلماء.
وروي عن المؤيد بالله عليه السلام رواية مغمورة، وبه قال بعض الخوارج، وبه يقضي رأي سعد بن عبادة وأتباعه، حيث قالوا: منا أمير ومنكم أمير.
पृष्ठ 131