Duroos of Sheikh Khalid Al-Mosleh
دروس للشيخ خالد المصلح
शैलियों
لماذا يتخلف كثير من الناس عن سلوك منهج النبي ﷺ؟
أيها الإخوة الكرام! إن سؤالًا يتبادر إلى الأذهان، ولابد له من جواب وهو: إذا كانت هذه النصوص واضحة في أن رسول الله ﷺ أسعد الناس، وأنه ﷺ حصل الكمال في انشراح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، وأن طريق السعادة هي الطريق التي سلكها ﷺ؛ فلماذا يتخلف كثير من الناس عن سلوك هذا الطريق؟ إن الجواب على هذا السؤال هو ما قاله النبي ﷺ فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات).
إن الطريق فيه نوع صعوبة لاسيما في مبادئه، فطريق تحصيل هذا النوع من السعادة فيه عسر وصعوبة، يحتاج إلى مجاهدة نفس، ويحتاج إلى أن يتخلى الإنسان عن مألوفه، وما اعتاده وما شب عليه وتربى عليه، والنظر إلى هدي النبي ﷺ في قيامه وقعوده، في ذهابه ومجيئه، في دخوله وخروجه، في نومه واستيقاظه، في معاملته لربه ومعاملته للخلق وفي جميع شأنه؛ وإذا نظر إلى ذلك فإنه يحتاج إلى عزم أكيد، ورغبة صادقة، وجهد متواصل؛ لإدراك ذلك الذي قرأه واطلع عليه، ولما كان الأمر يعسر على كثير من الناس كان أكثر الناس في تخلف عن سلوك هذا الطريق.
لكن يا أخي! اسلك هذا الطريق، واستعن بالله ﷿، فإن الله ﷾ إذا علم من عبده الصدق يسر له سبل الهدى، ويسر له سبيل الخير، وأعانه، وجعله يجني من ثمرات وبركات اتباع النبي ﷺ خيرًا كثيرًا في الدنيا، يعينه ذلك على مواصلة الاتباع والاهتداء بهديه ﷺ.
فأحثكم -يا إخواني- على قراءة سيرة النبي ﷺ، وحفظ سنته، ومطالعة هديه، فإن السلف الصالح كانوا يمضون أوقاتًا طويلة، وأعمارًا مديدة، في حفظ سنة النبي ﷺ، وفي العمل بها، وفي طلبها، وكان أحدهم إذا بلغه الحديث عمل به؛ لكونه سمعه عن رسول الله ﷺ، وإن كان في نفسه شيء من معناه، حتى أن الإمام أحمد ﵀ عمل بسنة، وقال: لم أعمل بها إلا مرة واحدة لما بلغني الحديث، وكان رأيه ﵀ خلافًا لما دل عليه الحديث لأحاديث أخرى، لكنه لم تطب نفسه أن يترك تلك السنة، وقد بلغه عن رسول الله ﷺ فيها حديث.
ينبغي لنا -أيها الإخوة- أن نحرص على الاهتداء بهدي النبي ﷺ، وأن نحتسب الأجر في ذلك عند الله ﷾، والطريق -ولله الحمد- ميسر وسهل، لكن يحتاج إلى عزيمة وجد، وصدق رغبة، والإنسان إذا استعان بالله أعانه، فليقرأ من الكتب الميسرة في عرض سيرة النبي ﷺ وهديه مثل كتاب ابن القيم ﵀: زاد المعاد في هدي خير العباد، فإنه من أنفع الكتب التي جمعت لنا هديه ﷺ وسيرته.
ومن ذلك أيضًا الكتب التي حفظت لنا نصوص أفعاله وأقواله ﷺ، كرياض الصالحين، وبلوغ المرام، وما أشبه ذلك من الكتب التي ملأت بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله ﷺ.
ومما يعين الإنسان على اقتفاء هدي النبي ﷺ أن يحضر مجالس العلم، وأن يسمع أشرطة العلم، فإن فيها من بيان هديه ﷺ وسنته ما يعين الإنسان على اقتفاء هدي النبي ﷺ.
واعلم -يا أخي- أنك لن تحصل بركة اتباع النبي ﷺ من فعل سنة أو سنتين مرة أو مرتين، بل داوم واستمر وجاهد، فإنك إذا استمريت على ذلك وصبرت؛ وجدت بركة ذلك بعد حين.
فأسأل الله ﷿ أن يبلغنا وإياكم هدي رسوله ﷺ، وأن يعيننا على التزام سنته، وأن يسلك بنا سبيله، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
5 / 12