آداب السفر
الحمد لله الذي أمدَّ بأعمارنا حتى أدركنا هذا الشهر الكريم، فكم من نفسٍ مؤمنة تشتاق لصيام هذا الشهر حيل بينها وبين صيامه، فأصبحت وقد أوسدت تحت الثرى؛ وودعت هذه الدنيا ولم تكمل هذا الشهر الكريم! فنسأل الله ﷾ أن يمد في أعمارنا حتى نبلغ نهاية هذا الشهر، وأن يتقبله منا ومن إخواننا المسلمين.
علنا أن نتكلم على ثلاثة عناصر: العنصر الأول: في آداب السفر.
العنصر الثاني: في كيفية العمرة على ضوء ما ثبت عن المصطفى ﷺ.
العنصر الثالث: في ملحوظات على الناس في أداء العمرة، وتلك الملحوظات قد تبلغ ستين أو سبعين ملحوظة في العمرة فقط، ولعل بعض الإخوة قد سمعوا هذه الملحوظات على الناس في الحج، وكنتُ ذكرتُ أكثر من مائة وثمانين ملحوظة، ولا زلنا -إن شاء الله- نعد العدة لإعادة هذه المحاضرة مرة أخرى، وقد تزيد على مائتين وخمسين أو ثلاثمائة ملحوظة على الناس في الحج فقط.
إن كثيرًا من المسافرين ينطلقون إلى بيت الله الحرام وهم لا يستشعرون إلى أين ينطلقون، ويبقى هم الإنسان كله أن يؤدي تلك العبادة، فيظن أن العبادة هي دخول بيت الله الحرام، أما الطريق والمسير فلا يستشعر الإنسان فيه بشيء إطلاقًا، وهذا من جهل كثير من الناس أن الطريق هو عبادة إلى الله تعالى، فإن الصحابي ﵁ وأرضاه- الذي كان يصلي الصلوات، وكان من أبعد الناس منزلًا عن المسجد، وإذا به يأتيه بعض أحبابه وأقربائه، فيقولون: لو اتخذتَ حمارًا يقيك حر الرمضاء، ويكفيك مئونة الطريق، فيقول ﵁: [والله ما أحب أن بيتي عند المسجد، إني أحتسب ذهابي ورجوعي في ميزاني يوم القيامة] ويُخْبَر المصطفى ﷺ بمفهوم ذلك الصحابي ﵁، فما كان من النبي ﷺ إلا أن قال: (إن الله قد كتب لك ذلك كله) أي: إن ذهابه ورجوعه في ميزان حسناته يوم القيامة.
فمن كان يستشعر ذهابه من هذا البلد إلى مكة، أن كل خطوة يخطو بها في ميزان حسناته، إذًا عليه أن يكثف أشد التكثيف في هذا الطريق فيما يقربه من الله تعالى.
3 / 2