144

Duroos by Sheikh Ali Bin Umar Badahdah

دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح

शैलियों

شمولية الإسلام لكل جوانب الحياة
وأمر ثان مهم: هو تأكيد وتجلية حقيقة شمولية إسلامنا العظيم، لكل جوانب الحياة فلا يصح قصره على أسس الاعتقاد وأحكام الفقه في تفصيلات العبادات، بل هو معني بكل شأن من شئون الحياة، معني بأن يوجه الناس ويبين لهم حكم الله جل وعلا في معاملاتهم المالية الاقتصادية وفي شئونهم الزوجية الاجتماعية، وفي أحوالهم القضائية العدلية، وفي كل باب من أبواب الحياة، كما قال الحق ﷾: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ﴾ [المائدة:٣]، وكما عبر أصحاب محمد ﷺ عن شمول ما جاءهم به وما أرشدهم إليه في أدق الأمور وأصغرها فضلًا عن جليلها وأكبرها، كما روى أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة ﵁ قال: (علمنا رسول الله ﷺ كل شيء حتى الخراءة) أي: حتى قضاء الحاجة، وكما قال أبو ذر ﵁: (لقد توفي رسول الله ﷺ وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما) فذلك هو الإسلام العظيم في كل شأن من شئون الحياة يبينها ويفصلها ويظهر جوانبها المختلفة.
وأمر ثالث: وهو حسن الإرشاد والتوجيه في أي مسألة تحدث للناس وفيها خواطر وحوائج يريدون فيها بيانًا للحكم أو تفضيلًا لأمر على أمر أو كشفًا لشبهة، وحري وجدير أن يكون ذلك من دور المسجد ومن أمانته ورسالته.
وقد قال الشاطبي ﵀: الشرع جاء ليقيم أمر الدنيا وأمر الآخرة، وإن كان قصده بإقامة الدنيا للآخرة فليس بخارج عن كونه قاصدًا لإقامة مصالح الدنيا حتى يأتي فيها سلوك الآخرة.
فليس في ديننا دنيا منعزلة عن الدين أو دين ليس له شأن بالدنيا، فذلك أمر لا يصح في الإسلام، بل هو مناقض لأصوله وقواعده ومخالف لحقيقته وتاريخه، وهو أساس ومقصد أعظم لمن يريدون إضعاف الإسلام وأهله بالفصل ما بين دينهم واعتقادهم وأحكامهم وتشريعاتهم وبين مسالك حياتهم، فلتمتلئ المساجد بالمصلين ولتعج أجواء الفضاء بهم تالين وذاكرين، ثم يكونون في الاقتصاد مرابين وفي الاجتماع مختلطين وغير ملتزمين بحجاب ولا غيره، ذلك هو غاية ما يريده أعداء الإسلام وبعض المسئولين من أبناء المسلمين ممن اختل فهمهم أو اعوج سلوكهم وفتنوا بغيرهم.
إذًا فنحن مدخلنا إلى ذلك مدخل أصيل نتحدث فيه ونتناوله، وربما يكون لنا به أحقية أكثر من غيرنا؛ ذلك أننا نريد دائمًا وأبدًا أن نكون كما ينبغي، وأن يكون هذا المنبر أخلص قصدًا وأنزه مسلكًا وأرشد رأيًا وأصوب قولًا فيما يعود إليه من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

11 / 3