44

Duroos al-Sheikh Nasser Al-Aql

دروس الشيخ ناصر العقل

शैलियों

التسليم السلبي بوجود الافتراق في الأمة يبرر الإقرار بالبدع والوقوع فيها الخطأ الثاني: وهذا الخطأ أيضًا قد يتخذ ذريعة للمفارقة، وهو يقابل الخطأ الأول ويضاده، وهو اعتقاد أن المفارقة ما دامت أمرًا واقعًا فهذا يعني أن الأمة تقع فيه برضًا وتسليم، وأنه لا يضر المسلم أن يكون مع أي فريق كان؛ لأن المفارقة أمر واقع، فعلى المسلم أن يذهب مع من يعجبه من أهل الأهواء وأهل الفرق. وهذه دعوى باطلة، بل هي تلبيس على المسلمين، فلا يجوز أن يكون الخبر عن الاختلاف ذريعة للمفارقة، أو ذريعة للرضا بالبدع وبالأهواء وبالخطأ؛ حتى وصل الأمر عند بعض من ينتسبون للدعوة أن يقول: ما دام الرسول ﷺ أخبر بأن الأمة ستفترق، فإذًا لابد أن نرضى بالبدع ونقرها أمرًا واقعًا، ونرضى بالأهواء ونقرها أمرًا واقعًا، ونسلم للأمر الواقع، ولنعرف أنه لا دين إلا بدخن! وهذه دعوى باطلة، بل هي من مداخل الشيطان على الإنسان؛ لأن الرسول ﷺ حينما أخبر عن الافتراق أخبر بأنه ستبقى طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرة منصورة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذه الطائفة تقوم بها الحجة، ويهتدي بها من أراد الهدى، ويقتدي بها من أراد الحق والخير. فإذًا: الحجة لابد أن تكون قائمة، والحق لابد أن يظهر، ولا يمكن أن يخفى على ذي بصيرة، ولا على من يريد الحق ويسعى إليه. فمن هنا كان الرضا بالبدع والأهواء على أنها أمر واقع لا يجوز شرعًا، بل هو تلبيس على المسلمين، وهو أيضًا إقرار بالباطل.

2 / 6