تهور ، فان لكل امرء ما نوى ، وانما الاعمال بالنيات.
وكذا الكلام في الخضوع لاهل الدنيا من الملوك والوزراء ونحوهم ، فانه ان كان من باب التقية ودفع الضرر ، فظاهر انه لا ينافي دعوى حصر الخضوع في الله.
وان كان من باب التعظيم ورعاية الادب من حيث ان لوجودهم مدخلا في حفظ بيضة الاسلام وترويج شريعة سيد الانام عليه وآله السلام ، فكذلك.
ولذلك جوز بعض علمائنا السجود الذي هو اقصى غاية الخضوع للملوك والابوين والاخوة ، كما وقع في اخوة يوسف عليه السلام على قصد الادب والتعظيم ، واعتقاد انهم عبيد مخلوقون.
فان الخضوع للانسان يقع على وجه الادب والتعظيم ، ويكون راجحا اذا كان في العرف تركه اهانة والانسان اهل التعظيم ، لانه عبد الله ، فتعظيمه تعظيم الله.
وبالجملة الاستعانة بغير الله وتعظيمه وتكريمه بالقيام له ، بل الخضوع ونحوه اذا كان اهلا له ، او من باب التقية ودفع الضرر ، او لان له مدخلا في تحصيل المعاش والمعاد ونحو ذلك ، لا ينافي دعوى حصر العبادة والاستعانة في الله تعالى ، بعد ان كانت نيته صادقة وغرضه ما ذكرناه ، فتأمل.
اقول : والعبادة نسبة بين العابد والمعبود ، فتحققها ذهنا وخارجا موقوف على تحققهما ، لكن المعبود ادخل في ذلك من العابد ، اذ لولاه لما عبد العابد ، فلم يتحقق العبادة.
فينبغي للعابد ان يعبده كأنه بحضرته ويراه ، فان لم يكن يراه فانه يراه ، كما قال سيد الاوصياء وسند الاتقياء سلام الله عليه وعلى ذريته الاصفياء : اعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك.
فينبغي لك التبتل والانقطاع اليه بتجافيك عن دار الغرور ، وترقيك الى عالم النور ، ومؤانستك به ومجالستك له ومكالمتك معه ، فتكون صلاتك
पृष्ठ 49