الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع
تأليف
الإمام شهاب الدين أحمد بن إسماعيل الكوراني
(٨١٢ هـ - ٨٩٣ هـ)
تحقيق
د/ سعيد بن غالب كامل المجيدي
[الجزء الأول]
अज्ञात पृष्ठ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
الدُّرَرُ اللَّوَامِع فِي شرْح جَمْع الْجَوَامِع
[١]
1 / 3
(ح) الجامعة الإسلامية، ١٤٢٨ هـ.
فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر
المجيدي، سعيد بن غَالب كَامِل
الدُّرَر اللوامع فِي شرح جمع الْجَوَامِع للكوراني/ سعيد بن غَالب كَامِل المجيدي - الْمَدِينَة النورة، ١٤٢٨ هـ.
٢٨٨٠ ص؛ ١٧ × ٢٤ سم
ردمك: ٢ - ٥٨٠ - ٠٢ - ٩٩٦٠
١ - أصُول الْفِقْه
أ - العنوان
ديوي ٢٥١
٣٦٢٠/ ١٤٢٨
رقم الْإِيدَاع: ٣٦٢٠/ ١٤٢٨
ردمك: ٢ - ٥٨٠ - ٠٢ - ٩٩٦٠
جَمِيع حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة للجَامعة الإسْلاميَّة بِالْمَدِينَةِ المنوَّرة
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة معالي مدير الجامعة الإسلاميَّة
الحمد لله الذي علم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم، والصَّلاة والسَّلام على رسول الهدى الذي أمر بالعلم قبل العمل، فبه ارتفع وتقدّم، وعلى آله وأصحابه ومَن بأثره اقتفى والتزم. وبعد:
فإنَّ الاشتغال بطلب العلم والتفقه في الدِّين من أجلِّ المقاصد وأعظم الغايات وأولى المهمات؛ لذلك ندب إليه الشَّارع الحكيم في كثبر من نصوص كتابه، وأمَرَ نبيَّه ﷺ بالزيادة منه؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢)﴾ [التوبة: ١٢٢].
وقال جلّ وعلا: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)﴾ [طه: ١١٤].
وقد رتّب النبي ﷺ الخير كلَّه على التفقّه في الدّين فقال ﷺ: "من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين" متّفق عليه. وقال ﷺ: "النَّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" متّفق عليه. وهذا مما يدلّ على أهميته وعظم شأنه.
لذلك كان الاهتمام بالعلم الشّرعيّ المستمد من الكتاب والسنّة وفهم السَّلف الصَّالح هو الهدف الأسمى لمؤسس هذه الدّولة المباركة الملك عبد العزيز - يرحمه الله - وكذلك أبناؤه من بعده الذين كانت لهم اليد الطولى وقَدَمُ السبقِ في الاهتمام بالعلم وأهله؛ فأولوه عنايةً فائقةً، وخصّوه بجهود مباركة، ظهرت آثارها على البلاد والعباد.
1 / 5
وكان لخادم الحرمين الشَّريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله - جهودٌ واضحةٌ استوت على سوقها ووفّقت لمقصودها، ومن ذلك أمره بزيادة عدد الجامعات، وفتح جميع الوسائل ذات العلاقة بالتطوير والتنقيح والتأليف والنَّشر كعمادات ومراكز البحث العلميّ في شتّى الجامعات وعلى رأسها الجامعة الإسلاميَّة - العالمية العلمية - التي أولت البحث العلميّ اهتمامًا بالغًا وجعلته غاية من غاياتها وهدفًا من أهدافها.
ومن هنا فعمادة البحث العلمي بالجامعة تهتم بالبحوث العلميَّة نشرًا وجمعًا وترجمة وتحكيمًا في داخل الجامعة وخارجها، من أجل النُّهوض بالبحث العلميّ، والتشجيع على التَّأليف والنّشر، ومن ذلك كتاب: [الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع للإمام شهاب الدين أحمد بن إسماعيل الكوراني] تحقيق: د/ سعيد بن غالب كامل المجيدي
أسأل الله أنْ يوفّقنا جميعًا لما يحبّ ويرضى ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمَّدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
معالي مدير الجامعة الإسلاميّة
أ. د/ محمد بن علي العقلا
1 / 6
شكرٌ وتقديرٌ
أشكر الله ﷾ على نعمه التي لا تحصى، فهو الذي رزقني الوقت، والصحة، ووفقني لإتمام هذه الرسالة، فله الحمد أولًا، وآخرًا. وبعد شكر الله كان لزامًا عليّ أن أتوجه بالشكر، والتقدير، والعرفان إلى كل من أسدى إليَّ عونًا في عملي هذا عملًا بقوله ﷺ: "من لا يشكر الناس لم يشكر الله" (١).
وإن من أكثر الناس عليَّ منّة في عملي هذا - بعد الله ﷿ وأولاهم بذلك هو شيخي الجليل العلامة المتواضع فضيلة الأستاذ الدكتور / عمر بن عبد العزيز بن محمد.
الذي كان لي الاعتزاز الكبير في إشرافه على هذه الرسالة، فبذل جهده، ووقته، وزوَّدني بتوجيهاته السديدة، وملاحظاته المفيدة، التي كان من ثمارها - بعد توفيق الله ﷿ إخراج هذه الرسالة إلى حيز الوجود، فجزاه الله خيرًا، وشكر له سعيه، وأمدَّ في عمره، ونفع المسلمين بعلمه.
_________
(١) راجع: سنن أبي داود: ٢/ ٥٥٥، وسنن الترمذى: ٤/ ٣٣٩، ومسند الإمام أحمد: ٢/ ٢٥٨، ٣٠٣، ٢٥٩.
1 / 7
أما الجامعة الإسلامية فلها في نفسي ووجداني أكبر الأثر، وأعظم الذكريات، فقد عشت في رحابها عقدين من الزمن، فجزى الله القائمين عليها خيرًا، ووفقهم لما فيه صلاح الإسلام، والمسلمين.
كما أتوجه بالشكر إلى كل من مدَّ إليّ يد العون والمساعدة من الأساتذة الكرام، والإخوة الزملاء، والقائمين على مكتبات الجامعة.
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * *
1 / 8
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليمًا كثيرًا.
وبعد: فإن علم الأصول عظيم شأنه، عميم نفعه، يحتاج إليه الفقيه، والمتفقه، والمحدِّث، والمفسر، لا يستغني عنه ذو نظر، ولا ينكر فضله أهل الأثر، إذ هو الدستور القويم للاستنباط، والاجتهاد، به يتمكن من نصب الأدلة السمعية على مدلولاتها، ومعرفة كيفية استنباط الأحكام الشرعية.
ولذا فإنه يعتبر من أهم الوسائل التي تُثبِّت قواعد الدين، وتدعمها، وترد على شُبَه الملحدين، والمضلّلين، وتبطلها، فكان لأهل البحث والاجتهاد هاديًا، وللمبتدعة على بدعهم رادًّا، وقاضيًا.
ولقد كان بين أهل الرأي، وأهل الحديث بَوْنٌ شاسع، ﵏ جميعًا؛ إذ كان الفريق الأول متميزًا بقوة البحث والنظر والاستنباط، بينما كان الفريق الثاني متضلِّعًا بعلم الحديث، دراية ورواية، وكان كل فريق يوجه اللوم إلى الآخر، ويتهمه بالقصور، حتى جاء الإمام الشافعي رضي الله
1 / 9
عنه وأرضاه، وكان قد رزقه الله معرفة بكتابه، وسنة نبيه ﷺ، مع اطلاعه على مسالك الرأي، وطرقه، متمرِّسًا بالبيان وفنونه، مع عقل ثاقب، ورأي صائب، وحجة بالغة، ومكانة عالية، فنظر إلى ذلك الخلاف المحتدم، ورأى اقتصار أهل الحديث عليه دون سواه من جدال ونظر، كما رأى غلوَّ أهل الرأي، وتوسعهم في فن الاستنباط والنظر، فوضع كتابه المسمى بـ "الرسالة" جامعًا فيه بين الحديث والرأي، مبيّنًا الناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، والمطلق والمقيَّد، والمجمل والمبين، والعام الذي أُريد به الخاص، والظاهر الذي أُريد به غير ظاهره وتكلم فيه على حُجِّية أخبار الآحاد، وتقديمها على القياس، ومنزلة السنة ومكانتها، وتكلم على القياس، والإجماع، والاجتهاد، وشروط المفتي في دين الله تعالى، إلى غير ذلك من المباحث الأصولية التي حررها، ودونها. فكانت هذه الرسالة بمثابة القانون القويم الذي يعوَّل عليه، ويحتكم إليه، مع خلوها من علم المنطق الذي أُحدِث بعد ذلك.
وبذلك خف أثر النزاع بعد أن علم كلا الفريقين القواعد التي يجب عليهم أن يلتزموها، ويسيروا على نهجها، وصاروا على بينة مما يدافعون به عن مذاهبهم، وآرائهم.
ثم جاء العلماء من بعده، فواصلوا البحث، ونظموا الأصول، ورتبوها، غير أنه أُدخل فيها علم المنطق والجدل نتيجة لحركة الترجمة النشطة؛ حيث ترجمت علوم اليونان في العهد العباسي الأول إلى اللغة العربية.
1 / 10
وهكذا مزج أصول الفقه بعلم المنطق، وبخاصة من أواخر القرن الثالث وما بعده.
وقد شاء الله تعالى -بعد الانتهاء من مرحلة الماجستير- أن يقع اختياري على هذا المخطوط "الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع" في علم الأصول، فقدمته إلى قسم الدراسات العليا بالجامعة ليكون موضوعًا لرسالة الدكتوراة، وتم قبوله بحمد الله وتوفيقه.
* * *
1 / 11
سبب الاختيار
أولًا: يعد هذا المخطوط شرحًا لأكبر متن في الأصول أُلّف في القرن الثامن الهجري، حيث جمعه مؤلفه ﵀ من أكثر من مائة مصنف، فهو على اسمه "جمع الجوامع" إذ جمع في طياته غالب المسائل الأصولية، والدينية، فهو إذًا جامع للأصلين، أصول الفقه، وأصول الدين.
ثانيًا: احتل الأصل مكانة علمية قيمة لدى الباحثين، والمتعلمين، حيث اهتم به العلماء، فمنهم من شرحه، ومنهم من نظمه، ومنهم من وضع عليه بعض الحواشي، والتعليقات، ومنهم من كتب أجوبة على بعض مسائله.
لذا فإن شروحه تمنح له هذه الأهمية، وتضفي له هذه القيمة تبعًا لأصله، ومتنه.
ثالثًا: ألف هذا الشرح في مرحلة استقرار أصول الفقه، وكمال نضجه؛ لأن القرن التاسع الهجري كان حافلًا بالمصنفات الأساسية لهذا الفن، فاعتمد الشارح في كتابه على جُلِّ وغالب من تقدمه، فكان بذلك جامعًا، وشاملًا، ومؤلفًا متكاملًا في علم الأصول، مع ما له من حرية في الرأي، وتحقيق في الأقوال، وبيان للأدلة، مع طول النفس في المناقشات، وحسن العرض، ورصانة الأسلوب.
1 / 12
رابعًا: -وهو الأهم: - إسهامًا في إحياء تراثنا العظيم، ونشره لما في ذلك من عموم الفائدة التي قد لا توجد في اختيار موضوع معين الذي ربما قد كررت حوله البحوث، وتناولته أيدي المتخصصين، رأيت أن تحقيق هذا الكتاب كاملًا أولى من اختيار جزئية معينة.
* * *
1 / 13
خطة البحث
وهي تتكون من تمهيد، وبابين، وتحت كل باب فصول، وتحت كل فصل مباحث، وفيما يلي بيان ذلك:
التمهيد: وفيه لمحة تاريخية موجزة عن عصر المؤلف.
(الباب الأول)
في ترجمة المؤلف، والتعريف بكتابه وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول: في التعريف بالكوراني: وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: في اسمه، ونسبه، ونسبته، وشهرته.
المبحث الثاني: في لقبه، ومكان وتاريخ ولادته.
المبحث الثالث: نشأته.
الفصل الثاني: في حياته العلمية وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: رحلاته في طلب العلم، والتعليم.
المبحث الثاني: شيوخه الذين أخذ عنهم العلوم المختلفة.
المبحث الثالث: تلامذته.
المبحث الرابع: بعض أقرانه الذين كانت له بهم علاقة ما.
1 / 14
الفصل الثالث: في أعماله، وصفاته، ووفاته وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: عمله في القضاء والتدريس.
المبحث الثاني: صفاته وأخلاقه.
المبحث الثالث: وصيته ووفاته.
الفصل الرابع: مؤلفاته، وآثاره وفيه مبحثان:
المبحث الأول: في ذكر مؤلفاته عامّةً.
المبحث الثاني: دراسة تحليلية لكتابه "الدرر اللوامع" وفيه سبعة مطالب:
• المطلب الأول: عنوان الكتاب، ونسبته إلى المؤلف.
• المطلب الثاني: سبب تأليف الكتاب، والظرف الذي ألِّف فيه.
• المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.
• المطلب الرابع: أهمية الكتاب.
• المطلب الخامس: تقويم عام لشروح جمع الجوامع التي اطلعت عليها.
• المطلب السادس: وصف مخطوطتي الكتاب.
• المطلب السابع: منهجي في تحقيق الكتاب.
1 / 15
(الباب الثاني)
ترجمة موجزة للتاج السبكي وفيه فصلان:
الفصل الأول: في التعريف به وفيه مبحثان:
المبحث الأول: في اسمه، ونسبه، ونسبته، وكنيته، ولقبه.
المبحث الثاني: أسرته، ومولده، ونشأته.
الفصل الثاني: حياته العلمية، وأعماله وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: طلبه للعلم، وشيوخه.
المبحث الثاني: تلامذته.
المبحث الثالث: أعماله، وصفاته.
المبحث الرابع: مؤلفاته، ووفاته.
* * *
1 / 16
(تمهيد)
التمهيد في عصر المؤلف
عاش شهاب الدين الكوراني - رحمه الله تعالى - في المدة ما بين سنة (٨١٣ هـ إلى سنة ٨٩٣ هـ) فهو من علماء القرن التاسع الهجري، وعندما دخل هذا القرن كانت دولة المماليك الجراكسة تحكم مصر والمشرق، ثم بدأت الدولة العثمانية تنازعها السلطة، وتسعى جاهدة لتنفرد بحكم المشرق، وتتطلع إلى الاستيلاء على مصر.
وقد استطاع العثمانيون - في هذا القرن - فتح القسطنطينية، وسيأتي بيان ذلك في القسم الدراسي (١).
وفي الوقت الذي كانت فيه الدولة العثمانية في أوج قوتها، ومجدها في شرق العالم الإسلامي، كان الوضع في غرب العالم الإسلامي على العكس.
فقد كثرت النزاعات والثورات الداخلية في المغرب العربي، وتفاقم الخلاف بين ملوك المغرب الأقصى وملوك تونس، مما أدى إلى ضعف كلمتهم.
_________
(١) سيأتي ذلك في مبحث تلاميذه: ص / ٤٩.
1 / 17
والاختلاف بين المسلمين سلاح يجيده أعداء الإسلام في كل زمان ومكان، للاستفادة منه، ولذلك تحالف النصارى الإسبان مع البرتغاليين، وعملوا على طرد المسلمين من الأندلس.
ففي سنة (٨١٨ هـ) استولى البرتغاليون على سبتة، وفى عام (٨٦٧ هـ) استولى الإسبان على جبل طارق، وفى عام (٨٩٧ هـ) استولوا على غرناطة، وبذلك فقد المسلمون الأندلس، وخرج حكمها من أيديهم بعد أن دام بها قرابة ثمانية قرون، أقاموا بها إحدى أعظم الحضارات في التاريخ البشري.
وعلى الرغم من ذلك، فقد شهد هذا القرن ازدهارًا وتقدمًا في المجالات العلمية والثقافية، ويعتبر عديم النَّظير نتيجة لما تعرضت له المكتبة الإسلامية، والتراث الإسلامي على أيدي التتار في المشرق العربي، وعلى أيدي النصارى الإسبان في الأندلس من الإحراق والإغراق، والتخريب، كما أن المماليك الأتراك الذين كانت لهم السيادة على مصر، والشام في هذا العصر عملوا جاهدين على سد الثغرة التي أحدثتها تلك الحملات، والتي استهدفت القضاء على التراث الإسلامي، فأنشأوا المدارس وخصوصًا في القاهرة ودمشق، حتى أضحت تعد بالمئات.
كما عني المماليك بالعلماء، وشجعوهم على التأليف ونشر العلوم المختلفة، ونتيجة لذلك قامت نهضة علمية رائعة زودت المكتبة الإسلامية بالكثير من المؤلفات في شتى العلوم والفنون، فقهًا، وأصولًا، وحديثًا،
1 / 18
وتاريخًا، ونحوًا، وتفسيرًا، وكانت المتون، والمختصرات، والشروح، والحواشي، والتقريرات سمة هذا العصر كثرة (١)، ولقد كان العلامة الكوراني أحد علماء هذا العصر الذين أثروا الفكر الإسلامي في العلوم المختلفة، يظهر ذلك في مؤلفاته التي خلفها في الحديث، والتفسير، والأصول، والقراءات، وغيرها، وسيأتي بيانها في القسم الدراسى في المبحث الذي يخصها إن شاء الله تعالى.
* * *
_________
(١) راجع: الفتح المبين: ٣/ ٤ - ٥، وتاريخ التشريع الإسلامي: ص/٣٦٣ - ٣٦٤.
1 / 19
الباب الأول في التعريف بالكوراني وكتابه
وفيه أربعة فصول:
الفصل الأول في التعريف بالكوراني
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: في اسمه، ونسبه، ونسبته، وشهرته.
المبحث الثاني: في لقبه، ومكان، وتاريخ ولادته.
المبحث الثالث: نشأته.
1 / 21