فحدجتها تفيدة بغضب، ومضى الحاج مصطفى يفر صفحات الدفتر، حتى قال: مائة وخمسون جنيها في البريد!
فرددت العجوز: مائة وخمسون جنيها! .. ربنا كريم .. ربنا كريم!
فحدجتها الأعين بنظرات ساخطة حتى أطبقت شفتيها، غير أن شعور عبد العظيم بالارتياح كان أضعاف شعوره بالحنق على العجوز. وتحول الحاج مصطفى إلى الكيس الصغير فأفرغ ما فيه على الفراش، فإذا به مبلغ سبعة قروش! تبادلوا نظرات حائرة، وهتفت تفيدة: سبعة قروش! أين إذن إيجار البيت؟!
فقالت العجوز: جئنا متأخرين للأسف!
وقال عبد العظيم: إما أن الإيجار لم يدفع، وإما أنه سرق.
فهز الحاج مصطفى رأسه متأسفا، وهو يقول: آه من النسوان! حسبنا الله، لا حيلة لنا، وما فات فات!
فقالت تفيدة: ومن يدري؟! فلعلها كانت تملك أشياء أخر. - لعلها، كلام لا طائل تحته، حسبكم العمارة ونقود البريد.
فقال عبد العظيم بقلق وبلهجة شفت عن مخاوفه: لكننا قد نحتاج إلى نفقات عاجلة.
فقال الحاج مصطفى بصراحته المعهودة: نعم فللمأتم تكاليفه، لكن ربنا موجود، وأنا تحت أمركم!
فاطمأن عبد العظيم وأعرب عن شكره بابتسامة وغمغمة. وهمت العجوز أن تتكلم لكن الباب فتح ودخل رجل قصير نحيل ذو نظارة سميكة، وسن جاوزت الستين، فقام الحاج مصطفى وهو يقول: أهلا بالدكتور!
अज्ञात पृष्ठ