كان اليوم التالي مشرق الجو صافي الأديم من أجمل أيام الشتاء، وقد لاحت قطرات الندى على خضرة الروض كحلة من السندس رصعت بالدر واللؤلؤ.
وكان بالهواء قرة خفيفة، وقد سادت السكينة على صدر البحر اللين الخفقان.
وفي أرجاء الجو المستنير فاضت أشعة النهار من خلال النافذة على فراش إصطفيان، وأضاءت وجهه المبتسم في نومه، وكانت ذراعه منطرحة على الغطاء، وهو يحلم أنه يلفها حول جيدها الحسان، ذلك الجيد الذي طالما رآه في أحلامه.
استيقظ إصطفيان بعد برهة وتثاءب، وحول رأسه في ثقل وبطء تلقاء النافذة، وقال: «لم يبق إلا يوم واحد.»
ثم قام إلى الباب ففتحه، وتناول حذاءيه من وراء استعدادا للبس ثياب الخروج، فوجد رسالة في جوف كل حذاء، فخفق قلبه لدى رؤية إحدى الرسالتين، ولم تكن هذه هي الواردة من الفتاة إيزابلا، ولكنها آتية من مصدر آخر، أما الأخرى فكان باديا على ظرفها خط الفتاة، وبهذه لم يحفل ولم يكترث، ولكنه وضعها جانبا على المائدة، وهو يخاطب نفسه: «أظنها تسألني الخروج للقائها، ما أقل صبرها وأكثر لجاجها!» ولكنه يتناول الرسالة الأخرى بتلهف شديد.
هذه هي الرسالة الخاصة بتلك الوظيفة التي كان إصطفيان يسعى إليها ليتذرع بها إلى الاقتران بالفتاة.
فيفض ختامها فيرى لأول وهلة أن مسعاه قد نجح، وأنه قد أحرز الوظيفة.
فيصعد الدم إلى وجهه، ويستطير في سائر جسده وفي عروقه لهيب نشوة الطرب والمرح، وتهزه أريحية الزهو والتيه.
ويرد الرسالة في غلافها، ثم ينهض ويقف وسط الغرفة، وينظر من خلال ألواح الزجاج الوهاج.
ويقول لنفسه: «لقد فزت بالفتاة! أجل وايم الله لقد فزت بها أخيرا.»
अज्ञात पृष्ठ