डुमुक बिलयात्शु
دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة
शैलियों
أسرع سمير فسحب الحقيبة السامسونيت التي ظلت راقدة بجواره كقطة ملتفة في السواد والغيبوبة ووضعها على ركبته، وقبل أن يعالج فتحها كانت أنيسة قد جاءت متهللة تحمل إبريقا كبيرا في يدها ووراءها أم عبده تتعثر في مشيتها الحذرة لكيلا توقع الصينية التي رصت عليها الأطباق والأكواب والملاعق والفوط البيضاء، وسرسعت أنيسة بضحكة كرنين عملات معدنية تتدحرج على البلاط، وقالت: مشروع هائل، كلموني عنه فقلت يا بنت يا أنيسة الدنيا انفتحت في وجهك.
قاطعها محمود متجهما: طمأنيني على نورة، قست الحرارة؟
قالت وهي تضع الإبريق الساخن على الطاولة وتتناول الصينية من أم عبده: الحمد لله، كانت طول الليل ثلج، وكنت غارقا في النوم فلم أزعجك، أعطيتها ملعقة كبيرة من الزجاجة وتركتها لترتاح.
كرر محمود سؤاله وقد ازداد تقطيب وجهه: قلت حرارتها كم؟
قالت كأنها تشهد الجميع على قلقه الذي لا داعي له: ثمانية وثلاثين وشرطتين، صادق سيحضر الآن ويطمئننا، خلنا الآن في المهم.
كان سمير قد فرد لفة ورقية كبيرة على حجره، وخطر لمحمود أنه يشبه كاتبا مصريا قديما يضع لفافة بردي مملوءة بالأوامر والنواهي الملكية ولا ينقصه إلا أن يجلس القرفصاء، وبدأ يشعر بالحصار المضروب حوله، فنظر في غير حماس إلى الرسم الهندسي الذي امتلأ بالخطوط والمربعات والمستطيلات والنقط الملونة بالأزرق والأحمر والمقاييس المحسوبة في أسفله وتحتها توقيع الشيخ حامد بخطه العصبي المتشابك، وبجانبه توقيعات أخرى وأختام زرقاء اللون وسوداء. وبينما كانت أنيسة توزع أكواب الشاي وتعزم بالبسكويت وتعتذر عن أنه ليس على قد المقام، كان صوت سمير يتدفق كسيل مندفع لا يتوقف لحظة لالتقاط الأنفاس: هنا يا عمي سيكون المبنى الرئيسي، ثلاثة طوابق في البداية يمكن أن ترتفع فوق الأساسات المحسوبة إلى عشر طوابق، طبعا سيكون فندقا ثلاثة نجوم، وربما تجعله الشركة الهولندية مع الزمن خمسة نجوم، الدنيا كلها تقول إن المنطقة أمامها مستقبل عظيم، نعم، نعم، باب السعد انفتح على العائلة كلها، بعد اكتشاف الآثار العظيمة بالقرب من المنطقة كما تعلم بالطبع، وبعد انطلاق العمل في الميناء الجديد، بالإضافة إلى اكتشاف المخزون الهائل للغاز الطبيعي على بعد عشرين كيلومترا من هنا وإقامة أكثر من قرية للعمال والمهندسين، انهالت عروض الشركات المحلية والعالمية على المجلس البلدي. عمر أفندي وبيع المصنوعات يبنيان بالفعل على الضفة الأخرى للترعة التي يجري العمل فيها الآن على قدم وساق كما يقال، وتعد الترتيبات لإقامة كوبري جديد يصل شطري البلد. شركة النصر للسياحة اتصلت بنا بالفعل لجس النبض، يريدون إنشاء «رست هاوس» على أحدث طراز ومحطة بنزين وكافتيريا - المنطقة كما قلت لحضرتك مستقبلها عظيم - قالت أنيسة وهي تلفت نظر محمود إلى الشاي الذي بدأ يبرد: طبعا طبعا، لماذا لا تشرب الشاي؟
قال محمود منتبها: أنا أسمع سمير.
قالت أنيسة ضاحكة: شيء كالحلم تمام، اشرب اشرب!
ارتشف سمير رشفة كبيرة من الكوب وقال: المرة القادمة نشرب الشربات. ردد محمود متوجسا وبحشرجة فأر محبوس في مصيدة: تقول المرة القادمة؟!
واندفع السيل مواصلا تدفقه: لولا الخطاب المستعجل من عمي مصطفى لاتفقنا بالفعل مع شركة النصر، بعد إذن حضرتك بالطبع.
अज्ञात पृष्ठ