डुमुक बिलयात्शु
دموع البلياتشو: مجموعة قصصية تنشر لأول مرة
शैलियों
وتنقلت بسرعة كأنها دمية لطيفة، وتعود بعد قليل تحمل صينية عليها أطباق الطعام، ثم تجلس أمامي وتعقد يديها على صدرها، كأنها متهم ينتظر الحكم عليه بين شفتي القاضي، وتتململ قليلا في مقعدها قبل أن تسألني: هل أعجبك؟ - لذيذ جدا!
وانتظرت أن تقولي لي «شهية طيبة» كما تعودت أن تقول لي كل يوم، ولكن صيحة ندت عنها نبهتني إلى أن زوارا جددا قد أقبلوا. - هالو هرشتاين، هالو فراوشتاين. - هالوا بربارا، كيف حالك؟
وتعود بربارا بعد قليل، وتجلس إلى جانبي وتقرب شفتيها من أذني كأنها تفضي إلي بسر خطير الهر شتاين وزوجته يحضران هنا كل أسبوع، هل تعلم أين يسكنان؟ في الغابة السوداء، هل رأيتها؟ - لا يا بربارا، لم أرها بعد. - آه! هي غابة كبيرة، كلها أشجار، أشجار، إذا سرت فيها لا ترى الشمس، لهذا سموها الغابة السوداء. - ولماذا يعيش الهر شتاين حيث لا تظهر الشمس؟! - فلاحون، ناس مساكين، يقطع الخشب ويربي الخنازير.
وفي كل يوم أحد ينزل إلى المدينة هو وزوجته، ها هي تجلس إلى جانبه يتنزهان في الشوارع، ويتفرجان على المحلات الكبيرة المنورة، ويشتريان الحاجات، يوم الأحد عندهم يوم عيد ولكنهما لا يأكلان إلا في مطعمنا، نعم، لا يأكلان إلا في مطعمنا، منذ ثلاث سنين كل يوم أحد الساعة الواحدة. ناس مساكين! - ولماذا هم مساكين؟
وتضع بربارا يدها على خدها وتسكت لحظة ثم تقول: آه! هذه حكاية طويلة، بابا حكاها لي منذ أسبوعين، ألا تلاحظ أنهما يلبسان السواد؟
والتفت لأتأكد من صحة ما تقول، كان الرجل يرتدي سترة صغيرة سوداء حشر فيها جسده النحيل، فبدا كأنه موسيقي بائس عجوز، أما المرأة فكانت تتدثر في رداء بسيط كأنه قبل أن تفصله على قدها كان راية سوداء ترفع على المباني العامة في أيام الحداد.
واستطردت بربارا تقول: بابا قال لي إنهما كان لهما ابن، ابن وحيد يسكن معهما في الغابة السوداء، كل صباح يركب الدراجة إلى الجامعة، مسافة طويلة، أليس كذلك؟ كان للهر شتاين أمنية واحدة: أن يرى ابنه «بروفسير» في الجامعة. بروفيسير عظيم، على عينيه نظارة كبيرة، وفي يده حقيبة سوداء، ورأسه كبير جدا؛ لأنه يفكر كثيرا، مثل كل البروفسيرات، وكان الهر شتاين يقاب كل إنسان ويقول له: كيف تكلمني هكذا؟! إن هي إلا أيام وسترى أنني أبو البروفسير، هنري - وكان هذا هو اسمه - سيصبح بروفسيرا في الجامعة، وسيسكن في المدينة، وسنسكن معه في المدينة، ونترك الغابة السوداء، ولكن هل تعلم ماذا حدث؟ - ماذا حدث يا بربارا؟ - آه! الحرب! الحرب الشريرة، هل عرفتم الحرب أيضا في بلادكم يا هر؟ كل شيء «كابوت»! بابا يقول دائما إنه زمن شرير. زمن شرير وحرب شريرة، هل تشرب قدحا من البيرة؟ نعم؟ فاتحة أو غامقة؟
كنت قد فرغت من طعامي، وجلست أنتظر عودة بربارا، أطالع وجوه الحاضرين، وأنقل بصري بين الصور المعلقة في الحائط، وأقبل صاحب المطعم بكرشه الضخم ووجهه الأحمر المكتنز وجسده القصير السمين فحياني تحيته المعتادة: نهارك سعيد. - نهارك سعيد. - أرجو ألا تكون بربارا قد ضايقتك. - على العكس يا سيدي. - لطيفة هذه البنت، لطيفة وعزيزة علينا.
وضحك ضحكته المجلجلة التي أعرفها منه، ثم تركني وراح يتنقل بين الموائد يحيي الزبائن: شهية طيبة، مرحبا بكم، شهية طيبة.
وأقبلت بربارا مسرعة ووضعت قدح البيرة أمامي وهي تقول: لحظة واحدة، سأعود حالا، حذار أن تذهب!
अज्ञात पृष्ठ