Dr. Ragheb El-Sergany's Lessons
دروس الدكتور راغب السرجاني
शैलियों
صلاة الفجر بين الصادقين والمنافقين
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أهلًا ومرحبًا بكم في هذا اللقاء الطيب المبارك، وأسأل الله ﷿ أن يجعل هذا اللقاء في ميزان حسناتنا أجمعين.
أما بعد: فما أسهل أن ينطق اللسان يا إخواني ويا أخواتي بكلمة الإسلام، ما أسهل ذلك، ولكن ما أصعب أن يترسّخ الإيمان في قلب الإنسان، انظر ماذا يقول ربنا: ﴿قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات:١٤]، كلام اللسان: ﴿وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ [الحجرات:١٤]، مشكلة حقيقية أن يختلط الحابل بالنابل، أن يختلط الصادق بالكاذب، أن يختلط المؤمن بالمنافق مشكلة خطيرة، اختلاط المنافقين بالمؤمنين يضعف الصف: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾ [التوبة:٤٧]، أي: إلا اضطرابًا وإلا ضعفًا، ﴿وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة:٤٧].
لذلك فإن الله ﷿ من رحمته بالصف المؤمن أن ينقيه على الدوام، والتنقية تكون عن طريق اختبار صعب، لا يقوى على النجاح في هذا الاختبار إلا المؤمنون حقًا، يقول ﷾ في كتابه الكريم: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت:١ - ٢]، أي: هل تعتقدون أيها المؤمنون أنكم ستقولون بلسانكم: آمنّا ثم لا يصدق هذا اللسان عملًا من الأعمال؟ يقول ﷾: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت:٢]! تعجب كبير جدًا: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [العنكبوت:٣]، سنة من سنن ربنا ﷾: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت:٣].
إذًا: ربنا ﷾ سيجعل لنا اختبارات كثيرة جدًا، منها: الجهاد فهو اختبار صعب، لكن ليس مستحيلًا، ينجح فيه المؤمن، ويسقط فيه المنافق.
كذلك: الإنفاق، وحسن معاملة الناس وكظم الغيظ اختبار، وهكذا الحياة كلها اختبار من أول أيام التكليف إلى لحظة الموت، قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك:٢].
سنتكلم عن اختبار من الاختبارات الصعبة جدًا، فليس أي شخص ممكن ينجح فيه؛ لدرجة أن الرسول ﷺ جعل هذا الاختبار مقياسًا واضحًا بين المؤمن والمنافق، فهو اختبار خطير، والذي سيسقط في هذا الاختبار سيكون منافقًا بنص كلام رسول الله ﷺ.
الاختبار هذا يا إخواني ويا أخواتي هو اختبار صلاة الفجر.
صلاة الفجر في جماعة للرجال، وصلاة الفجر في أول وقتها للنساء.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه قال: قال رسول الله ﷺ: (إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما - أي: لو يعلمون ما فيهما من الأجر- لأتوهما ولو حبوًا).
تخيل نفسك أنك لا تستطيع أن تمشي أصلًا كأن تكون رجلك مكسورة وليس هناك من يعينك على المشي والذهاب إلى صلاة الفجر في المسجد، فتذهب حبوًا كالأطفال؛ لأنك تعرف كمية الخير التي في هذه الصلاة.
ذنب عظيم أن يتخلف مسلم مؤمن عن صلاة الفجر في جماعة، أو عن صلاة العشاء في جماعة.
أما وقت الصبح فهو ما بين طلوع الفجر وما بين شروق الشمس، يقول لي أحد الناس: إنه سمع في برنامج من البرامج أن وقت الصبح إلى بداية وقت الظهر.
قلت: سبحان الله! يعني: سيصير الوقت مفتوحًا إلى الظهر، فأين الاختبار هذا؟! نقول: الوقت يا أخي ينتهي بشروق الشمس، هذا الوقت القليل المحدود الصعب، هو فعلًا صعب ومقصود أنه يكون صعبًا.
روى مسلم عن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)، كلام في منتهى الوضوح، والأصعب من هذا يا إخواني أن اختبار النفاق من الإيمان لا يكتفي بمجرد أن تدرك الصبح في بيتك، لا، لا بد أن تدرك الجماعة في المسجد، كما قال ﷺ، وأنا أعرف أنه صعب ومقصود أنه يكون صعبًا؛ لأنه اختبار خطير، والنتيجة خطيرة كما قلنا.
1 / 2