Dr. Omar Abdelkafi's Lessons
دروس الدكتور عمر عبد الكافي
शैलियों
وضوح الحلال والحرام
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين.
وبعد: فإن غربة المؤمن تكون في مسكنه وفي أسرته وفي عائلته وفي وطنه ثم في دنياه، فلا تجد إنسانًا يحاول أن يشق طريق الهداية إلا وتجده غريبًا عمن حوله، لا بد أن لك لحظات تترك فيها الزحام من حولك، تترك العائلة، والأسرة، والناس، والعمل، والزوجة، والأولاد، والأقارب، وتجلس فيها صادقًا مع نفسك قبل أن تنام كل يوم، وإذا لم يكن كل يوم فليكن كل أسبوع كيوم الجمعة مثلًا، وإلا تذهب حياتك في غمرة الزحام.
وحين تجلس مع نفسك ينبغي أن تسأل نفسك سؤالًا واحدًا: أين أنا من طريق الله؟ يمكنني أن أضحك عليك، وأنت تضحك علي، ويضحك بعضنا على بعض، لكن لا يستطيع أحد أن يضحك على الله.
وأيضًا لا يستطيع الإنسان أن يضحك حتى على فطرته، وقلنا من قبل: إن الحلال والحرام لا يحتاج إلى سؤال، أي: أن الأمر لا يحتاج إلى عالم تسأله: هل الموضوع هذا حلال، أم أنه حرام؟ بل ما دام أنه تلجلج في صدرك فهذا دليل على أنه ليس حلالًا فلم السؤال؟ فمدلول الكلمة العربية نفسها يدل على ذلك، فأنت عندما تقول: حلال، تجد الفم مفتوحًا أثناء النطق بها، فلا أحد يستطيع أن يقول: حلال وفمه مغلق! كما أنك عندما تقول: حرام، تجد أن فمك مغلقًا، ولا أحد يستطيع أن يقول حرام وفمه مفتوح.
إذًا: فالحلال في النور، والحرام في الظلام، فأنت تعمل الحلال أمام الناس جميعًا، ومن الممارسات اليومية التي تدل على ذلك أنك حين تذهب لموظف الخزنة لتطلب مستحقاتك تطرق الباب بكل جرأة وشجاعة، وتسأله مستحقاتك بصوت جريء مسموع، لكن لو أن الموظف يأخذ الرشوة فسيتحرى خلو المكان، والتحدث بهدوء، ويحرص على ألا يشعر به أحد؛ إذ الحرام لا يستطيع أن يمارسه العبد أمام الناس، وهكذا في كل شيء، فكل ما تلجلج في صدرك عرفت حرمته ولم تحتج إلى سؤال.
فالمرأة مثلًا لا يمكن أن تسأل وتقول: زوجي مرتبه حلال فهل هذا الأكل الذي يأتي به حلال أم حرام؟ لكن لا يبعد أن تسأل: لو أخذت من مال زوجي من وراء ظهره هل ما آخذه حلال أم حرام؟ فهي إذًا بدأت تتساءل عن الشيء غير الطبيعي، وهو يصدق فيه وصف النبي ﷺ: (الحرام ما تلجلج في صدرك، وخشيت أن يطلع الناس عليه)، فالإنسان عندما يعيد حساباته وهو في طريق الهداية يجد أنه غريب في المجتمع.
15 / 2