فليس الشعر الوزن وحده، ولا القافية وحدها، ولا الكلمات التي تملأ فراغ التفاعيل ، وإن عذبت ولطفت، وإنما الشعر ما وراء كل بيت من ضوء روحاني وجد له بين ألفاظه منفذا، ومن سحر سماوي زحزح البيت دونه طرف الستار.
وشأن الشعر شأن الفنون كلها، إما أن يكون فنا، وإما ألا يكون، وإما أن يكون شعرا، وإما ألا يكون، فليس فيه كبقية منتجات العقول جيد ومتوسط ورديء. فهو إما أن يكون جيدا، وإما ألا يكون شعرا، نعم إن الجودة متفاوتة، ولكنها إذا نزلت إلى حد التوسط فقد الشعر مميزاته، وسلب مقوماته، وأصبح كلاما، كما يجرد القائد المذنب من رتبه وألقابه فيصبح جنديا.
والكلام في الشعر يطول، وبحور الشعر فياحة النواحي، بعيدة الغور، ولكني أريد هنا أن أقدم للأدباء وجمهرة المثقفين مجموعة أشعاري، بعد أن أرجأت طويلا نشرها، وأهملت كثيرا في جمعها، وبعد أن ألح علي كثير من أصدقائي في إبرازها لتنال حظها في سوق الأدب.
فإذا استطاعت هذه الأشعار أن تزيد في بناء العربية صفا، أو أن تضيف إلى آياتها البينات حرفا. أو أن تذيع من مسكي معانيها شذا طيبا وعرفا، فقد بلغت المنى، وحمدت السرى، ونلت التوفيق كله، وسكنت نفسي أن قدمت بين يدي عملا أشعر أن فيه أداء لحق لغتي وأمتي، وأن فيه غذاء صالحا للناشئة المصرية الكريمة التي بذلت حياتي، وأبذل ما بقي منها في تثقيفها، وإنهاضها إلى الأوج الذي تريد وأريد.
أبو الزهراء
في ذكرى المولد النبوي الكريم جادت قريحة الشاعر بهذه القصيدة العصماء عام 1948م.
أطلت على سحب الظلام ذكاء
وفجر من صخر التنوفة ماء
1
وخبرت الأوثان أن زمانها
अज्ञात पृष्ठ