وعلى صعيد الرثاء يلاحظ المتتبع لشعر الشريف الرضي أنه أمام شاعر كثير البكاء على الراحلين من أقاربه وأصدقائه، دائم الحزن والألم بسبب ما فعلته الأيام بأهل بيته الطالبيين. وقد وجد في مأساة الحسين، صريع كربلاء، متنفسا لهمومه ومجالا للتعبير عن آلام الشيعة، فنهج في مراثيه للحسين منهجا جديدا إذ افتخر بأهل البيت وذكر قبورهم وتشوق إليها. والذين رحلوا في أيامه ورثاهم كثير والعدد، ومنهم:
الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، شرف الدولة البويهي، أبو القاسم الصاحب بن عباد، الطائع لله الخليفة، تقية بنت سيف الدولة الحمداني، بهاء الدولة البويهي وسواهم. ولم يكن رثاء الشريف الرضي بكاء وعويلا بقدر ما جاء تسجيلا للمناقب وتعدادا للفضائل. كما يركز على مصير الانسان وعدم جدوى البكاء، ويشدد على هول الفاجعة وأثرها، ويترك مجالا للتعزية والمؤاساة.
والفخر من الميادين التي جلى فيها الشريف الرضي، فافتخر بنفسه وآبائه. وجاءت اندفاعاته الحماسية وثوراته الملتهبة في الافتخار بالبطولة والأنفة ظاهرة عامة في ديوانه. وتعبر قصائده الفخرية عما يجيش به صدره من أمان وطموحات، وما انطوت عليه نفسه من أخلاق وملكات.
وشعر الشريف الرضي في النسيب غاية في الرقة وإفصاح عن الأخلاق العالية وعن النفس التي صقلها الوجد وهذبها الألم. وهو لم يتغزل بفحش وتهتك، ولم يتغن بمفاتن الجسد أو الجوانب الحسية من الجمال.
وله مجموعة قصائد غزلية سميت بالحجازيات نظمها في الحاجات اللواتي كن يقصدن الحجاز في مواسم الحج.
وتمتاز قصائد الشريف الرضي، على العموم، بطول النفس، وفيها توخى المطالع اللافتة، وجعل الأجزاء متماسكة، وعمد الى اختيار الألفاظ الموحية، كما تتوفر فيها الأفكار التي تساعد على إعطاء صورة عن العصر. ويغتني شعره كذلك بالصور المتنوعة التي كانت سمة طبعت العصر العباسي. غ
पृष्ठ 8