दिरासत फलसफिया इस्लामी
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
शैलियों
9
وقد يتحول العرض إلى تأليف؛ وذلك بتغيير العنوان الوافد كلية، أو الحديث في العلم ككل من أجل اكتشاف قوانين جديدة.
10
هذا التأليف في ثقافة الوافد عن طريق العرض أشبه بما يتم حاليا في مؤلفات تاريخ الفلسفة. والفرق بين العرض القديم وبين مؤلفات الأساتذة الجامعيين حاليا هو أن العرض كان تمهيدا لمرحلة أخرى هي التأليف الخالص والإبداع المحض، في حين أننا توقفنا على العرض ولم نجعله مجرد مرحلة تتلو مرحلة وتتبعها مرحلة أخرى كما كان الأمر عند القدماء.
وبعد العرض بجميع أشكاله يأتي التأليف الذي يمثل الإبداع بعد النقل.
11
ومنذ بداية الفلسفة عند الكندي الإبداع من حيث الكم أكبر حجما من الشرح والتلخيص والعرض. فالفلسفة بدأت مبدعة وليست شارحة أو ملخصة عارضة. ثم أتى الفارابي فزادت نسبة الشرح والتلخيص والعرض ومع ذلك ظل الإبداع أيضا من حيث الكم أكبر حجما. ثم أتى ابن سينا وامحى الفرق بين الشرح والتلخيص والعرض من ناحية، وبين الإبداع من ناحية أخرى، ووضع الكل في بنية الفلسفة في موسوعات كبيرة اختفت مصادرها التاريخية ولم يظهر إلا بناء العقل الخالص أو وصف الموضوع نفسه. ثم أتى ابن رشد ليعيد التصحيح منذ البداية فلا إبداع بلا نقل صحيح؛ لذلك غلب الشرح والتلخيص على الإبداع من حيث الكم، وأخذ ابن رشد لقب الشارح الأعظم لذلك. كانت العودة إلى الشرح والتلخيص عند ابن رشد حركة تصحيحية في فهم النقل وفي الوقت نفسه تطوى الإبداعات خفية وخشية، خاصة ما كان منها نقدا موجها إلى الموروث. ثم جاء الفلاسفة بعد ابن رشد مثل الرازي والطوسي بإبداع خالص دون شرح أو تلخيص. إذن لم يتجاوز النقل أبدا وما تبعه من شرح وتلخيص وعرض الإبداع في أية مرحلة إلا عند ابن رشد الذي استطاع تمويه الإبداع والتعبير عنه من خلال الشرح والتلخيص. بل لقد آثر بعض الفلاسفة مثل ابن مسكويه والعلماء مثل عمر الخيام الدخول في الإبداع مباشرة دون مراحله التمهيدية في الشرح والتلخيص والعرض.
ولم يكن التأليف مجرد تطوير لمراحل النقل والشرح والتلخيص والعرض، بل كان ذلك كله مجرد رافد واحد فيه وعنصر مكون له. وكان هناك رافد آخر هو التفكير على معطيات الحضارة الإسلامية وإبداعاتها الأولى المستقلة عن الوافد، مثل أصول الفقه وأصول الدين وعلوم التصوف. وباجتماع هذين الرافدين، الوافد والموروث، ينشأ الإبداع الشامل. للفلسفة إذن مصدران: الوافد والموروث. والوافد قد تم تحويله إلى موروث محلي صرف بعد عمليات النقل والشرح والتلخيص والعرض والتأليف. أما الموروث فهو علوم الكلام وتطويرها بعد نقد الفلسفة لها. وقد كان أوائل الفلاسفة مثل الكندي متكلمين يفكرون في مسائل الكلام، مثل الاستطاعة والفعل، أو التفكير في الله أو في مسائل القضاء والقدر، أو نقد علم الكلام كله باعتباره علما لا يفيد الذكي ولا ينتفع به البليد. وكما اتضح في علم الكلام المتأخر في القرنين السادس والسابع وكما هو واضح عند الإيجي في «المواقف» غلبت موضوعات الفلسفة على الكلام. ففي الفلسفة المتأخرة وكما هو الحال عند الرازي في المباحث المشرقية غلبت موضوعات الكلام على الفلسفة.
12
كما شمل الموروث علم أصول الفقه، وكانت الفلسفة تفكيرا غير مباشر عليه، روحه أكثر من مسائله.
अज्ञात पृष्ठ