दिरासत फलसफिया इस्लामी
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
शैलियों
نقد الثقافة الغربية، باتجاهاتها، ومذاهبها، وتياراتها وبيان حدودها من منظور غير غربي وإقامة «علم نقد الثقافة» خارج قانون الفعل ورد الفعل الذي يقوم عليه نقد الاتجاهات المتباينة بعضها للبعض، وقد يكون نقد «الشاهد العدل» أكثر قبولا من نقد الخصوم. (6)
إفادة الغرب ذاته بإعطاء نماذج أخرى من الثقافات؛ حتى يتعرف عليها، فيأخذ موقف المتعلم، ويصبح معلم الأمس تلميذ اليوم فيخف من لديه مركب العظمة كما خف لدى الشعوب غير الأوروبية مركب النقص، وتصبح الثقافات الإنسانية على قدم المساواة في الإسهام في الحضارة البشرية؛ طبقا لمثل
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا [الحجرات: 13]. (7)
القضاء على تمركز الحضارة البشرية على الحضارة الغربية، وعلى تمركز الحضارة الغربية حول ذاتها؛ فقد وقع ظلم تاريخي على الشعوب غير الأوروبية عندما استبعدت من تاريخ العالم المحوري بعد أن أزاحها الغرب إلى هامش التاريخ أو بداياته الأولى، ونهاية أسطورة أن تاريخ الغرب هو تاريخ العالم، وأن عصور الغرب القديمة والوسطى والحديثة هي عصور العالم، وأن عصور الظلام والانحطاط الغربي هي عصور الظلام والانحطاط للعالم. (8)
تساوي جميع الحضارات الإنسانية في المساهمة في الحضارة البشرية، وبالتالي تتعدد الحضارات وتتفاعل فيما بينها، وتكون علاقات التفاعل بالتبادل وليست أحادية الطرف من الحضارة الغربية إلى الحضارات غير الأوروبية. فما أعطته الحضارات الصينية والهندية والفارسية والمصرية للعالم القديم قد لا يقل عما أعطته الحضارة الغربية للعالم الحديث. (9)
حصر «فائض القيمة التاريخي» الذي دخل ضمن مكونات الحضارة الغربية ورده إلى أصحابه تاريخيا. فقد حدث أكبر تراكم تاريخي وأكبر رصيد للإبداع البشري في الحضارة الغربية. إذ جمعت من الشرق القديم عبر اليونان والعبرانيين، كما جمعت من الشرق الإسلامي عبر إسبانيا وجنوب إيطاليا والبلقان وتركيا حضارات الشعوب غير الأوروبية. فكان تعيينها مجرد حملة العلم ونقلته إلى الغرب حيث يتم الإبداع. (10)
تحجيم الغرب ثقافيا - كما تم تحجيمه قبل ذلك سياسيا بعد ثورات الشعوب وحركات التحرر الوطني ضد الاستعمار - هو مشروع الشعوب غير الأوروبية ومن ضمنها الأمة العربية والإسلامية. وهي مهمة عدة أجيال قادمة بعد أن مهدت الأجيال السابقة لنا فرصة اكتشاف تراثنا الذاتي في مرآة الغير وتأصيل ثقافته في تاريخنا الثقافي.
3
ثالثا: النهضة الحضارية
بعدما يتم بناء التراث الذاتي وتحجيم تراث الغير تبدأ النهضة الحضارية بتفاعل الموقف التراثي مع التجارب الوطنية التي تمر بها الشعوب. فالتراث هو ما يمد الشعوب بأبنيتها الفوقية، والتجارب الوطنية تمدها بأبنيتها التحتية وبتفاعل البناءين تبدأ مسيرتها في التاريخ. (1) الثقافة الوطنية
अज्ञात पृष्ठ