पश्चिमी दर्शन पर दार्शनिक अध्ययन (भाग दो)
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
शैलियों
والميلاد
Naitre
من نفس الاشتقاق وكذلك الطبيعة
Nature . وقد تعاملوا أولا مع الموضوعات الحسية ثم بعد ذلك نشأت الأنواع والأجناس؛ فالحس أولى مراحل الإنسانية يتلوه العقل ثم التصنيف والجمع. وبالرغم من ظهور العناية الإلهية لتصريف أمور الدنيا واستقراء تاريخ الفكر البشري إلا أن هناك قانونا عاما وشاملا للإنسانية.
والأخلاق الشعرية تبين نشأة الفضائل الشعبية التي يعلمها الدين من خلال نظام الأسرة من خلال فكرة الله. فالله يظهر في سلوك الأفراد والجماعات في صورة أخلاق بناء على الخوف. فالسماء ملجأ الانفعالات وملاذ الخائفين ومصدر قوة للمستضعفين. تبدأ الفضائل الخلقية إذن بالدوافع والانفعالات، وتتكون لحماية الناس. وهنا يظهر الزواج كطريق طاهر وشريف للعلاقات الجنسية تحت رعاية الله. فمن رعاية الله تدخل المرأة إلى منزل الرجل وأسرته، وتتحجب وتتحدث من وراء ستار، ويأخذها الرجل بالقوة كما كان يفعل العمالقة من قبل باستيلائهم على النساء ومباشرتهن في الكهوف. فالأخلاق والدين وسيلتان لتهذيب الناس وجعلهم حذرين باتخاذ نصائح من الله، وعادلين مع أنفسهم ومع الله، ومعتدلين راضين بامرأة واحدة طوال عمرهم المديد، وأقوياء عاملين وعظماء. ثم ظهرت عادة تقديم القرابين البشرية للآلهة حيث كان يسود التعصب والخرافة.
والاقتصاد الشعري يكشف عن أن الأسر الأولى كانت تضم الأطفال فقط؛ فقد كان الآباء الأبطال يعيشون على الطبيعة كما كان الحكماء تحت رعاية الحكمة، وكان الرهبان يقدمون القرابين، وكان الملوك يستمدون القوانين إلى أسرهم من الآلهة؛ فقد بدأ الملوك أنظمة حكمهم بالاعتماد على العشائر وليس أسرهم الخاصة، وبدءوا في تربية أبنائهم وترك رزقهم لهم، والاستقلال التام لهم. وفي نظام الأمومة توجد الصداقة الحقة وتتم عملية تأنيس البشر. يحقق هذا النظام ثلاثة أهداف؛ الشريف والنافع والمبهج وكل ذلك تحت مظلة الدين ولاستمرار الجنس البشري. وكان أبناء العشائر عبيدا باستثناء أبناء الأبطال فهم وحدهم أحرار. ومن العبيد بدأ الإقطاع واستثمار الأرض ومشاركة الأسر في عمل الأبطال وليس فقط في مكتسباتهم أو شرفهم. وعلى هذا النحو تأسست المدن والمستعمرات داخل الأرض ونشأت الملاجئ، واقتضت ظروف الحياة أن تكون المقايضة أول صور البيع والشراء. ولم يكن هناك إيجار للمنازل لصغر المدن بل كان الإقطاعيون يؤجرون أرضهم للبناء عليها لمدد طويلة. لم تكن المشاركة أو الوكالة معروفة عند القدماء، ولكن عرفت عقود البيع والشراء وختمها بالاتفاق المجرد إلى أن بدأ القانون في الظهور بشكل أسطوري.
والسياسة الشعرية تكشف عن أن أول نظام للحكم في العالم كان نظاما أرستقراطيا؛ فقد نشأ النظام العشائري بالأسر الصغيرة التي وضعها الأبطال تحت حمايتهم بالقوة أو بالإيمان، ولما تحرر الأبناء بعد موت الآباء أخذ كل ابن الأمر كله لنفسه. ثم اتحد الآباء الجدد فيما بينهم اتقاء لثورات العامة. لقد نشأ أول ملوك الدنيا بهذه الطريقة وعلى أكتافهم نشأت أول المدن. وبتعبير آخر إن كل نظم الحكم نشأت طبقا لمبادئ الإقطاع الأبدية إما ملكية الإنتاج أو ملكية الأرض أو ملكية الإقطاعيات. وقد انقسم الناس إلى نوعين؛ عامة تريد تغيير نظام الحكم ونبلاء يريدون المحافظة عليه. ويستمر فيكو في بيان نشأة النظم السياسية القديمة مثل الضرائب والخزانة والجمعيات التشريعية والطبقات الاجتماعية. كما يحاول بيان تطورها ابتداء من التربية الوحشية للعمالقة ثم شراء النساء بالمهور الغالية ثم إنجاب الأطفال وتزوج النساء لمنفعة الأزواج والآباء. كما يتحدث عن الألعاب الرياضية القديمة وأهمية السباق أو الحروب القديمة ونشأة العبودية.
والتاريخ الشعري موجود في أساطير القدماء التي تقص نشأة العالم وبداية الخلق ثم إنشاء المدن وظهور الأغاني والترانيم والأناشيد ثم ظهور النظم والمجالس والقوانين والمحاكمات والعقوبات ثم العداوة بين المدن وظهور فنون الإنسانية. والحقيقة أن فيكو هنا يجمع بين التاريخ والكونيات والتواريخ مما يدخل في علوم الطبيعة.
والفيزيقا الشعرية هي الفرع الثاني من الحكمة بعد الميتافيزيقا وتشمل الكونيات والفلك والتواريخ والجغرافيا. وتبدأ أيضا بالأسطورة. في البداية كان العماء ثم اختلطت البذور الإنسانية مع النساء إثر فعل الزنا ، ثم انقسمت السماء بالرعد، وخلق «يوفا» عالم البشر قائما على الدوافع وحرية الذهن. ومن حركة الأجسام تكون عالم الطبيعة وتحدث الشعراء اللاهوتيون عن العناصر الأربعة. وتشير أيضا الفيزيقا الشعرية إلى جسد الإنسان؛ الرأس والصدر والقلب والمعدة والكبد. وفي الكونيات الشعرية يختلط الكون بالآلهة؛ فالسماء أعلى من الجبال، والآلهة تتربع في السماء وتنزل على قمم الجبال، والنسيان والجوع وتأنيب الضمير مظاهر للعقاب الإلهي. والفلك الشعري عند القدماء يشير إلى حقائق ثابتة مثل رفض أي شعب قبول آلهة غريبة، واعتبار إله الكواكب أكبر من إله النجوم. وفي التواريخ الشعرية تتحدد أنساب الآلهة من أجل تحديد بداية للزمان وبدايات التاريخ الشامل التي تمتد إلى الشرق، أما الجغرافيا الشعرية فإنها تجعل اليونان مركز العالم وتصف أول من سكن المناطق الوسطى وكيفية نشأة المدن. ويتضح من ذلك اختلاط العلوم كلها وتداخلها في الحكمة الشعرية.
ثم يعرض فيكو في الكتاب الثالث إلى مشكلة هوميروس: هل هو شخصية حقيقية عاشت بالفعل أم أنه أسطورة من نسج الخيال؟ وهو ما عرف في التاريخ باسم «المشكلة الهوميرية» والتي نسج على منوالها أيضا قضية الشعر الجاهلي. وينكر فيكو وجود هوميروس كشخصية تاريخية حقيقية عاشت بالفعل؛ وبالتالي يكون من مؤسسي المدرسة الأسطورية في الدين والأدب التي خرجت من هيجل وشتراوس ورينان وغيرهم. ولا يعني ذلك الإقلال من شأن المعطيات النصية لأن المثال أو الفكرة تظل باقية في ذهن الإنسانية بصرف النظر عن قائلها. ولا يضير الأدب الشعبي شيئا في قدرته على تصوير حياة الشعوب بأنه مجهول المؤلف. فالعالم من صنع الإنسان، والأسطورة تعبر عن أعمق مستويات الحضارة، ولا يمكن أن يكتبها شخص واحد، وهو ما توصل إليه يونج وجويس وكاسيرر أيضا في العصر الحاضر، هوميروس ليس شخصية حقيقية تاريخية بل مثال، رجل من الطبيعة، فكرة من العصر البطولي لليونان، كنز يكشف عن القانون الطبيعي لليونان ولكل الشعوب والعادات القديمة. يدل على عقل اليونان وطبيعتهم، وعاشه اليونان بشفاههم وذاكرتهم. ويدلل فيكو على موقفه هذا بما قيل عن هوميروس: عماه، فقره، الإلياذة في الشباب والأوديسة في الشيخوخة لتفسير اختلاف الأسلوب وتباعد القرون بينهما، مولده في منطقة قريبة من مكان حرب طروادة، لغته الوطنية، الدفاع عنه ضد الاتهامات الموجهة ضده، العادات الشعبية التي يذكرها، المقارنات اللفظية، المصطلحات المحلية، كسر الأوزان، تغيير اللهجات، جعل البشر آلهة والآلهة بشرا، قضية الانتحال، صفات البطولة، المقارنات اللفظية، القسوة في وصف المعارك، الانفعالات الشديدة في صياغة العبارات، عظمة الأسلوب، استحالة التفوق عليه أو حتى تقليده (مثل إعجاز القرآن)، مؤسس السياسة والمدنية اليونانية، أب لكل الشعراء، مصدر لكل فلاسفة اليونان، كل هذه الأدلة تثبت أنه لا يمكن لهذه الأشعار أن تكون من تأليف شاعر واحد بعينه؛ فالناس تعيش تاريخها أولا ثم تسجله في شعرها ثانيا، فكل هذه الأساطير بدأت بروايات حقيقية حدثت بالفعل قبل أن يصوغها الخيال الشعبي. فهوميروس ليس شاعرا بل روح اليونان وطبيعتهم وتاريخهم وعاداتهم وقوانينهم وحياتهم. والشعر بهذا المعنى هو تاريخ الشعوب. وهذا لا يحط من شأن هوميروس، فالقيمة في الفكر وليس في التاريخ، وفي المثال وليس في الواقع، وإلا كان الله لا قيمة له لأنه لا واقع له. وهوميروس مثل بوذا ولاوتسي وكونفوشيوس والمسيح، خلق إنساني في صورة شخص، وروح الإنسانية تجسد نفسها في إنسان. والفكرة لا تحتاج إلى واقع كي توجد بل الواقع هو الذي يحتاج إلى فكر كي يخلد. وما أكثر الشخصيات التاريخية التي ليس لها ذكر وما أضخم فعل الأسطورة في حياة الناس، وكأن فيكو هنا قد استطاع الجمع بين هيجل وهيدجر، بين الروح التي تخلد وبين الشعر كمنزل للوجود.
अज्ञात पृष्ठ