इब्न खल्दून की मुकदमा पर अध्ययन
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
शैलियों
وما يجب أن يعتبر تعبيرا صريحا ومكتملا لشكلها الاجتماعي الخاص.
2
لقد كتب ابن خلدون في فصل حقيقة البنوة ما يلي: «إنا نشاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها على هيئة من الترتيب والإحكام، وربط الأسباب بالمسببات، واتصال الأكوان بالأكوان، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض، لا تنقضي عجائبه في ذلك، ولا تنتهي غاياته.» «وأبدأ من ذلك بالعالم المحسوس الجثماني أولا، عالم العناصر المشاهدة، كيف يتدرج صاعدا من الأرض إلى الماء، ثم إلى الهواء، ثم إلى النار، متصلا بعضها ببعض، وكل واحد منها مستعد إلى أن يستحيل إلى ما يليه صاعدا وهابطا، ويستحيل بعض الأوقات» (ص95). «ثم انظر إلى عالم التكوين، كيف ابتدأ من المعادن، ثم النبات، ثم الحيوان، على هيئة بديعة من التدريج؛ آخر أفق المعادن متصل بأول أفق النبات، وآخر أفق النبات متصل بأول أفق الحيوان، ومعنى الاتصال في هذه المكونات أن آخر أفق منها مستعد بالاستعداد القريب لأن يصير أول أفق الذي بعده.» «واتسع عالم الحيوان، وتعددت أنواعه، وانتهى في تدريج التكوين إلى الإنسان - صاحب الفكر والروية - ترتفع إليه من عالم القردة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم ينته إلى الروية والفكر بالفعل، وكان ذلك أول أفق من الإنسان» (ص96).
يلاحظ أن هذه الفقرات تتضمن فكرة التطور التدريجي بكل صراحة، ولا سيما الفقرة الأخيرة منها؛ فإنها تمت بصلة قوية إلى «النظرية الداروينية» بمعناها الخاص.
من الغريب أن الطبعات الشرقية مسخت تعبير «عالم القردة» إلى شكل «عالم القدرة»، وجردت بهذه الصورة الفقرة الأخيرة المذكورة من معناها الهام، كما حرمتها من كل معنى معقول، إذ ليس في استطاعة أحد أن يستخرج أي معنى كان من عبارة تنص على «أن أنواع الحيوان ترتفع إلى الإنسان من عالم القدرة الذي اجتمع فيه الحس والإدراك، ولم تنته إلى الروية والفكر بالفعل.»
هذا ومما تجب ملاحظته أن ابن خلدون تطرق إلى هذه النظرية في فصل من فصول الباب السادس أيضا، يكرر ابن خلدون هناك رأيه «الدارويني» بصراحة أعظم، قائلا: «وقد تقدم لنا الكلام في الوحي في أول فصل المدركين للغيب، وبينا هنالك أن الوجود كله، في عوالمه البسيطة والمركبة، على ترتيب طبيعي، من أعلاها وأسفلها متصلة كلها اتصالا لا ينخرم، وأن الذوات التي في آخر كل أفق من العوالم مستعدة لأن تنقلب إلى الذات التي تجاورها، من الأسفل والأعلى، استعدادا طبيعيا، كما في العناصر الجسمانية البسيطة، وكما في النخل والكرم آخر أفق النبات، مع الحلزون والصدف من أفق الحيوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكيس والإدراك، مع الإنسان صاحب الفكر والروية» (طبعة كاترمير، ج2، ص373).
3
غير أن نظرية التطور تظهر في مقدمة ابن خلدون بوضوح أعظم من ذلك، وبشكل أتم، من خلال المباحث المتعلقة بالحياة الاجتماعية، والوقائع التاريخية: (1)
أولا، يقول ابن خلدون في المقدمة الباحثة عن فضل علم التاريخ: «ومن الغلط الخفي في التاريخ الذهول عن تبدل الأحوال في الأمم والأجيال، بتبدل الأعصار ومرور الأيام، وهو داء دوي شديد الخفاء، إذ لا يقع إلا بعد أحقاب متطاولة، فلا يكاد يتفطن له إلا الآحاد من أهل الخليقة.» «وذلك أن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول» (ص28).
لا يكتفي ابن خلدون بذكر هذا التطور التدريجي، بل يحاول تعليله أيضا قائلا: «والسبب الشائع في تبدل الأحوال والعوائد؛ أن عوائد كل جيل تابعة لعوائد سلطانه، كما يقال في الأمثال الحكمية: الناس على دين الملك. وأهل الملك والسلطان إذا استولوا على الدولة والأمر، فلا بد من أن يفزعوا إلى عوائد من قبلهم، ويأخذوا الكثير منها، ولا يغفلون عوائد جيلهم مع ذلك، فيقع في عوائد الدولة بعض المخالفة لعوائد الجيل الأول. فإذا جاءت دولة أخرى من بعدهم، ومزجت من عوائدهم وعوائدها؛ خالفت أيضا بعض الشيء، وكانت للأولى أشد مخالفة. ثم لا يزال التدريج في المخالفة حتى ينتهي إلى المباينة بالجملة» (ص29).
अज्ञात पृष्ठ