इब्न खल्दून की मुकदमा पर अध्ययन
دراسات عن مقدمة ابن خلدون
शैलियों
وكذلك كان قد قال المؤرخ المفكر «بول لاكومب»
: «إن المجتمع إنما هو جماعة من الأفراد، يقلد بعضهم بعضا، ويضغط بعضهم على بعض بصورة متقابلة.»
نحن لا نرى لزوما لتفصيل هذه الآراء والنظريات والمناقشات في هذا المقام، ولكننا إذا لاحظنا التطورات التي حدثت في الأبحاث الاجتماعية منذ بداية هذا القرن، نستطيع أن نقول إن نظرية دوركهايم كانت أكثر إنتاجا من نظرية تارد، كما أنها ظهرت أكثر نفوذا إلى حقيقة الحياة الاجتماعية. ومع هذا فإن آراء تارد أيضا أتت ببعض الحقائق الهامة؛ فما من عالم اجتماعي - في الحالة الحاضرة - يستطيع أن يهمل «أفعولة التقليد»، أو يغض النظر عن عمل «الضغط الاجتماعي» في الحياة الاجتماعية.
2
ومن الغريب أن ابن خلدون كان قد انتبه إلى هاتين الأفعولتين الهامتين، وذكرهما في مقدمته بصراحة، قبل المناقشات التي أشرنا إليها آنفا، بمدة تزيد على خمسة قرون.
إن آراء ابن خلدون في «التقليد» صارت موضوع أبحاث عديدة؛ لأنها مذكورة في بعض الفصول بصورة مباشرة، غير أن آراءه في الضغط الاجتماعي لم تستلفت أنظار الباحثين؛ لأنها لم تكن معروضة في المقدمة إلا بصورة عرضية، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك: (أ)
لقد كتب ابن خلدون العبارات التالية في الفصل الذي يقرر: «إن الهرم إذا نزل بالدولة لا يرتفع»: «فإن من أدرك مثلا أباه وأكثر أهل بيته يلبسون الحرير والديباج، ويتحلون بالذهب في السلاح والمراكب، ويحتجبون عن الناس في المجالس والصلوات، فلا يمكنه مخالفة سلفه في ذلك إلى الخشونة في اللباس والزي، والاختلاط بالناس؛ إذ العوائد حينئذ تمنعه وتقبح عليه مرتكبه، ولو فعله لرمي بالجنون والوسواس في الخروج عن العوائد دفعة، وخشي عليه عائدة ذلك وعاقبته في سلطانه» (ص294).
نحن نرى في هذه الفقرات مثالا بارزا لفكرة الضغط والقسر الاجتماعي، ونقول لذلك بلا تردد إن ابن خلدون قد لاحظ آثار هذا «الضغط الاجتماعي» بصراحة، وإن لم يسمه باسم خاص، ولزيادة التأكيد ندرج فيما يلي فقرة مقتبسة مما كتبه إميل دوركهايم نفسه، في صدد شرح القسر الاجتماعي بأمثلة وشواهد حية: «إذا لم آخذ بنظر الاعتبار في ملبسي - مثلا - العادات المتبعة في بلادي وبين أبناء صنفي؛ ضحك الناس مني، وأعرضوا عني.»
ومن غرائب الصدف أن هذا المثال الذي ذكره دوركهايم في أواخر القرن التاسع عشر، لا يختلف اختلافا يذكر عما كان لاحظه وكتبه ابن خلدون في القرن الرابع عشر. (ب)
وفي الفصل الذي يلي الفصل المذكور، عندما يشرح ابن خلدون «كيفية طروق الخلل للدولة» يقول: «تستغني الدولة عن العصبية بما حصل لها من الصبغة في نفوس أهل أيالتها، وهي صبغة الانقياد والتسليم منذ السنين الطويلة، التي لا يعقل أحد من الأجيال مبدأها ولا أوليتها، فلا يعقلون إلا التسليم لصاحب الدولة، فلا يكاد أحد يتصور عصيانا أو خروجا إلا والجمهور منكرون عليه مخالفون له، فلا يقدر على التصدي لذلك ولو جهد جهده، فلا تكاد النفوس تحدث سرها بمخالفة، ولا يختلج في ضميرها انحراف عن الطاعة» (ص296).
अज्ञात पृष्ठ