204

इब्न खल्दून की मुकदमा पर अध्ययन

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

शैलियों

وأما السبب الأخير الذي يذكره ابن خلدون - من جملة أسباب الخطأ في فهم الأخبار ونقلها - فهو قياس الماضي على الحال قياسا مطلقا: «ربما يسمع السامع كثيرا من أخبار الماضين، ولا يتفطن لما وقع من تغير الأحوال وانقلابها، فيجريها لأول وهلة على ما عرف، ويقيسها بما شهد، وقد يكون الفرق بينهما كثيرا؛ فيقع في مهواة من الغلط» (ص29).

يرى ابن خلدون من الواجب على المؤرخ أن يستفيد من «شهادة الحاضر؛ لأن الماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء» (ص10)، وعليه أن «يعتبر الحاضر المشاهد والقريب المعروف» (ص11)، وأن «يقيس الغائب بالشاهد والحاضر بالذاهب» (ص9).

غير أنه يلاحظ في الوقت نفسه أن «قياس الماضي على الحال» لا يخلو من محاذير؛ لأن «أحوال العالم والأمم لا تدوم على وتيرة واحدة»، فيترتب على المؤرخ ألا يذهل «عن تبدل الأحوال في الأمم، بتبدل الأعصار ومرور الأيام» (ص28).

ولهذا السبب يوصي ابن خلدون «المماثلة بين الحاضر والغائب» بالبحث عما «بينهما من الوفاق أو الخلاف» (ص28)، ويقرر بأن عدم الانتباه إلى ذلك قد يوقع المؤرخ في «مهواة من الغلط» (ص29).

إن ما يقوله ابن خلدون في هذا الصدد ينم عن ملاحظة دقيقة وتفكير قيم، ومع هذا فلا حاجة للبيان أن هذا السبب أيضا مما يمكن رده إلى السبب الثالث من أسباب الخطأ المذكورة في مدخل الكتاب الأول من حيث الأساس. (4)

إذا أردنا أن نلخص «أسباب الغلط في الأخبار والحكايات» حسب ما لاحظه ابن خلدون، وحلله وعلله في الفقرات الآنفة الذكر، استطعنا أن نقول إنها كثيرة ومتنوعة، بعضها قصدية، وبعضها لا قصدية.

الأغلاط القصدية: هي الأخبار الكاذبة التي يضعها ويلفقها ويشيعها الدساسون ؛ لترويج مذهب، أو نشر دعوة، أو تأمين منفعة، والوقائع المصطنعة التي يسعى المحتالون إلى التلبيس بها على الناس لأغراض مماثلة لذلك.

وأما الأغلاط اللاقصدية: فهي الأخبار المخالفة للواقع، التي ينقلها بعض المخبرين والرواة عن حسن نية؛ وذلك لعدم فهمهم، أو عدم ضبطهم لما يسمعونه ويشاهدونه، أو لميلهم إلى المبالغة وولوعهم بالغرائب، أو لاسترسالهم في قياس الماضي على الحاضر قياسا مطلقا.

وهناك نوع ثالث من الأغلاط يختلط فيها القصدية واللاقصدية، وهي التي تحدث حينما ينقل راو صادق أمين، عن مخبر دساس ملفق؛ لثقته به، أو لعدم قدرته على تمحيص الأخبار التي يسمعها، أو لعدم إقدامه على التمحيص - على الرغم من قابليته له - وذلك لموافقة الخبر للآراء التي يتشيع لها، والمذاهب التي ينتحلها، أو لعدم معرفته لطبائع الأشياء معرفة تساعده على التمييز بين الممكن والمستحيل من الأخبار.

ومن البديهي أن هذا النوع الأخير يكتسب خطوة خاصة حينما يتعدد الرواة ويتوالى النقلة، وتتزاحم وتتعاقب «أسباب المخالفة للواقع» في الروايات. (5)

अज्ञात पृष्ठ