167

इब्न खल्दून की मुकदमा पर अध्ययन

دراسات عن مقدمة ابن خلدون

शैलियों

وأما الشرق فهو عكس ذلك تماما؛ لأنه يجمع خصائص الجنوب مع خصائص آسيا، وقد سبق أن قال مونتسكيو إن الخصال التي يختص بها سكان الجنوب وسكان آسيا هي من أردأ الخصال. (3)

إن تأثير الطبيعة والإقليم يظهر في أمور الأديان أيضا على رأي مونتسكيو؛ ذلك لأن بعض الأوامر والنواهي الدينية تتبع أحوال الإقليم مباشرة؛ مثلا قانون «تحريم الخمور» في الدين المحمدي، هو من القوانين الإقليمية التي تلائم طبيعة البلاد الحارة، وكذلك أمر تحريم لحم الخنزير؛ لأن هذا اللحم مضر في البلاد الحارة، حيث تكثر الأمراض الجلدية، غير أنه غير ضار في البلاد الباردة، بل ربما كان من الأغذية الضرورية - نوعا ما - في تلك البلاد.

ويقول مونتسكيو - بناء على كل ما سبق: «إن الأوامر الإسلامية في هذا الصدد توافق حاجات الأقاليم الحارة، وتنافي حاجات الأقاليم الباردة؛ ولهذا السبب انتشر الدين الإسلامي في آسيا - وفي أفريقيا التي هي في حكم آسيا - ولكنه لم يستطع أن ينتشر ويستقر في أوروبا.» «وأما الديانة المسيحية فبعكس ذلك، قد انتشرت بسهولة في أوروبا، ولكنها لم تستطع أن تنتشر في آسيا وأفريقيا، فمن الجائز أن يقال - والحالة هذه - «إن الإقليم هو الذي عين وقرر الحدود الفاصلة بين بلاد الديانة المسيحية، وبين بلاد الديانة الإسلامية».»

هذا ويزعم مونتسكيو أن تأثير الإقليم قد تجلى في تقرير الحدود الفاصلة بين فرعي المسيحية أيضا؛ لأن الأمم الشمالية في أوروبا اعتنقت المذهب البروتستانتي، في حين أن الأمم الجنوبية حافظت على المذهب الكاثوليكي؛ والسبب في ذلك هو أن الشماليين أكثر ميلا إلى الحرية والاستقلال، بحكم بيئتهم الطبيعية، فكان من الطبيعي أن يصيروا أكثر ترجيحا للمذهب البروتستانتي الذي لا يعترف برئيس ديني مطلق، وأشد تباعدا عن المذهب الكاثوليكي الذي يعترف بسلطة مطلقة لرئيس ديني.

وفي الأخير يجب أن يلاحظ أن تأثير الإقليم يشمل أمور الدروشة والرهبنة أيضا؛ فإن عدد التكايا والأديرة، مثل عدد الدراويش والرهبان، يزداد بازدياد حرارة الأقاليم. (4)

يتكلم مونتسكيو عن تأثير «طبيعة الأرض» أيضا في طبائع الأمم وأنظمتها، إنه يهتم بوجه خاص في شرح تأثير خصوبة الأراضي في هذا المضمار .

إن خصوبة الأرض تؤدي إلى تأسس روح العبودية؛ لأن الزراع الذين يؤلفون أكثرية السكان في مثل تلك البلاد لا يهتمون كثيرا بالحرية، ولا يطلبون شيئا من الدولة غير ضمان الأمن والسكون؛ ولهذا السبب تكون الحكومات هناك فردية ومطلقة، في حين أن الأمر يكون عكس ذلك تماما في الحكومات التي تنشأ على أراض قليلة الخصب وجدباء.

إن تاريخ اليونان - على زعم مونتسكيو - أبلغ شاهد على ذلك؛ إن أراضي آتيكا كانت جدباء؛ وذلك أدى إلى تأسس دولة ديمقراطية في أثينا، إلا أن أراضي لاسه ده مونيا كانت خصبة بوجه عام؛ وذلك أدى إلى تأسس دولة أرستقراطية في إسبارطة.

ويذكر مونتسكيو بهذه الوسيلة ما قاله بلوتارخوس في ما كتبه عن حياة صولون: انقسم الأهالي إلى أحزاب حسب طبيعة الأراضي التي يقطنونها، كان أهل الجبال يطلبون حكومة يديرها الشعب، في حين أن أهل السهول كانوا يرغبون في حكومة يديرها الرؤساء، وأما أهل السواحل فكانوا يطالبون بحكومة يشترك فيها القسمان - الشعب والرؤساء - على حد سواء.

هذا ويعزو مونتسكيو إلى خصوبة الأرض تأثيرا في الطبائع ، من جهة أخرى أيضا: إن قلة خصوبة الأرض تضطر الناس إلى الجد والكد، وتعودهم الحياة الخشنة؛ وذلك يجعلهم شجعان ومحاربين، ولكن خصوبة الأرض تحمل سكانها على التراخي، وتزيد في نفوسهم حب الحياة.

अज्ञात पृष्ठ