176

दीन इंसान

دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني

शैलियों

n ، هو قناة تفاعل بين أربعة جسيمات؛ فقد تم أولا تخليق النيترون بواسطة تصادم بين بروتون

p

وبيون سالب، ثم قام النيترون نفسه بتخليق لامدا سالب وكوان موجب؛ أي إن الجسيمات في المخطط جميعها حوادث في شبكة واحدة، وكل جسيم منها عبارة عن تركيب محتمل لغيره من الجسيمات، كما أنه في الوقت نفسه متضمن في غيره. فالجسيمات حوادث، ولا وجود لها إلا في علاقتها بضعها مع بعض. وهذا يعني بشكل ما أن كل جزء من الطبيعة في العالم الصغري ينطوي على الأجزاء الأخرى. وفي هذه النتيجة التي توصلت إليها الفيزياء الحديثة ما يشبه بعض الأفكار البوذية حول طبيعة العالم. نقرأ في أحد كتب التعاليم المنسوبة إلى بوذا: «في سماء إندارا، هنالك شبكة عقدها من أحجار كريمة، قد نسجت بطريقة تجعل الناظر إلى أحد أحجارها يرى كل أحجار الشبكة منعكسة فيه. كذا هو حال الكون؛ إن كل شيء فيه ليس نفسه فقط، بل يحتوي على كل شيء آخر.»

16

وفي الواقع، فلقد وصلت الفيزياء الحديثة في رحلة اكتشافها لأعماق المادة وطبيعة الكون إلى حافة الصمت، وباتت اللغة عاجزة عن نقل الوقائع الكمومية التي تبدو مفهومة تماما بلغة الرياضيات إلى لغة الحروف والكلمات. وهذا ما يدعوه بعض الفيزيائيين بمأزق اللغة. وهم لشدة إحساسهم بهذا المأزق، انطلقوا للتبشير بمنطق كمومي جديد، يحل محل المنطق التقليدي، وقد بدأت المحاولات الأولى في هذا الاتجاه تظهر في بعض المقالات والمؤلفات الحديثة.

لقد لاحظ الرواد الأوائل لنظرية الكم، منذ البداية، ترابطا غريبا وعصيا على التفسير بين الظواهر الكمومية، واعتبروه أمرا يمكن للنظرية تفسيره في المستقبل. ولقد أظهر هذا الترابط نفسه بشكل جلي بطرق عدة رأينا إحداها في تجربة الشقين، عندما كان الإلكترون يعرف بطريقة ما أن الشق الآخر مفتوح، ويكيف مساره وفقا لذلك. إلا أن عددا من التجارب اللاحقة قادت إلى استنتاجات محيرة للعقل حول طبيعة الترابط بين أجزاء العالم الكمومي. وأكثر هذه التجارب شهرة هي التجربة التي اقترح مبادئها ثلاثة من الفيزيائيين، هم: أينشتاين وبودولسكي وروزين ، حوالي عام 1935م، والتي لم تنفذ عمليا إلا في السنوات الأخيرة، بعد أن تطورت التكنولوجيا إلى الحد الذي سمح باختبار أفكارهم.

يمكن فهم المبدأ الأساسي في «أحجية أينشتاين وبودولسكي وروزين»، وهو الاسم الذي اشتهرت به، وذلك بتصور قذيفة تم إطلاقها من مدفع. تدل التجربة على أن المدفع يرتد في لحظة الإطلاق إلى الخلف باندفاع يساوي اندفاع القذيفة إلى الأمام تماما، ولو كان المدفع والقذيفة متساويين في كتلتهما فإنهما ينطلقان بعد الإطلاق باتجاهين متعاكسين لكن بسرعتين متساويتين. وإذا كانت سبطانة المدفع محلزنة كما هي العادة، فإن القذيفة تأخذ بالفتل حول نفسها في أثناء انطلاقها، ويحدث الأمر نفسه للمدفع الذي ينفتل في الاتجاه المعاكس. بكلمات أخرى، فإن كلا من الحركة الانسحابية والدورانية اللتين تكتسبهما القذيفة لدى انطلاقها، يؤديان إلى رد فعل في المدفع لحظة الإطلاق يعاكس تماما حركة القذيفة. وفي المستوى دون الذري، توجد أيضا جسيمات تطلق قذائف في حركة انسحابية ودورانية. وقد بينت التجارب أن ارتداد ومعدل فتل كل من الجسيمات وقذائفها، تخضع للقواعد نفسها التي تحكم المدفع وقذيفته. وبعض الجسيمات يمكن أن تتفكك إلى وحدتين متماثلتين تماما، مما يجعلهما ينطلقان باتجاهين ومعدل لف متعاكسين تماما. فالبيون مثلا، وهو جسيم عديم اللف في الأصل، يتفكك في أقل من عشرة أجزاء من مليون مليار من الثانية، منقسما إلى فوتونين ينطلقان باتجاهين متعاكسين، ثم إن فتل أحدهما يأخذ اتجاها معاكسا للآخر، فإذا انطلق أحدهما يلف في اتجاه عقارب الساعة، انطلق الآخر وهو يلف في عكس اتجاه عقارب الساعة؛ لذلك وبسبب هذا الترابط التام بين اتجاه انطلاق ولف الفوتونين، يجب أن يعطي رصد أحدهما معلومات عن الآخر.

17

والآن يمكن للتجربة أن تسير على الوجه التالي: نقوم بتفكيك أحد الجسيمات لنحصل على جسيمين آخرين ينطلقان كل في خط سير معاكس للآخر، وفي اتجاه لف معاكس أيضا؛ فإذا كان أحدهما يلف على مساره نحو الأعلى كان الآخر يلف نحو الأسفل، وإذا كان الواحد يلف نحو اليمين كان الآخر يلف نحو اليسار. لنفترض الآن أننا تركنا مسافة كبيرة بين هذين الجسيمين لا تسمح بأي نوع من الاتصال بينهما، ثم عمدنا إلى تغيير اتجاه لف أحدهما عن طريق إدخاله في حقل مغناطيسي (الحقل المغناطيسي يغير دوما اتجاه لف الجسيمات)، عند ذلك تحدث لدينا ظاهرة لا يمكن تفسيرها، وهي أن الجسيم الآخر الذي لم يمر عبر الحقل المغناطيسي يغير من اتجاه لفه في الوقت نفسه الذي يغير نظيره اتجاه لفه بتأثير الحقل المغناطيسي، بحيث يبقى الجسيمان متعاكسين في اتجاه حركة اللف، وكأنهما ما زالا شريكين في جملة فيزيائية واحدة، رغم المسافة الشاسعة التي تفصل بينهما.

والأغرب من ذلك أن نتيجة التجربة تبقى واحدة إذا افترضت صيغها الرياضية أن الجسيمين قد ابتعدا عن بعضهما مسافة ضوئية؛ إذ يبقى أحد الجسيمين يغير اتجاه لفه كلما تعرض اتجاه لف الآخر إلى التغيير، ودون فاصل زمني على الإطلاق؛ مما يدل على أن هذا النوع من التواصل ليس تواصلا بالإشارة، بل هو تواصل ترابط عميق يتخطى مفاهيمنا المعتادة عن السببية الفيزيائية. وهذه نتيجة لم تكن في منظور أينشتاين وزميليه عندما صاغوا هذه التجربة الذهنية الرياضية.

अज्ञात पृष्ठ