दीन इंसान
دين الإنسان: بحث في ماهية الدين ومنشأ الدافع الديني
शैलियों
الفصل الثاني
لاو تسو والتاوية
على الأرضية الراسخة التي فرشتها المعتقدات الصينية التقليدية، التي تؤمن بمبدأ لا شخصي يتصل بعالم الظواهر بواسطة قوته ذات الوجهين، السالب والموجب، يبني لاو تسو
Lau Tzu
مذهبه المتميز الذي يدور حول مفهوم التاو القديم.
يلف الضباب شخصية لاو تسو الغامضة، التي لم يستطع قدامى مؤرخي الصين رسم سيرة حياة واضحة لها، وكل ما استطاعوا نقله إلينا بثقة هو أن هذا الحكيم قد عاش حياة مديدة جدا فيما بين أواسط القرن السادس وأواسط القرن الخامس قبل الميلاد، وأنه عاصر كونفوشيوس الأصغر منه سنا، ووضع تعاليمه في الكتاب الشهير المعروف بعنوان
Tao Te Ching ؛ أي رسالة في التاو وقوته، وهو الكتاب الذي بنيت عليه الفلسفة التاوية والديانة التاوية؛ فالتاوية هي اصطلاح عام يدل من جهة على النظام الفكري الذي يجعل من التاو مركزا لكل مجالات الفكر والحياة، وقد قام لاو تسو بالصياغة المنهجية لهذا النظام الفكري وأعطاه الكثير من ذائقته وشخصيته الفكرية المتميزة. ومن جهة أخرى، فإن المصطلح يدل على الديانة التاوية التي بدأت بالتشكل منذ القرن الثالث الميلادي بتأثير تعاليم لاو تسو، والتي تقاسمت مع الكونفوشية ولاء الصينيين مدة ألف عام تقريبا، قبل أن تطغى البوذية على الاثنتين معا، علما بأن التاوية قد صمدت أمام البوذية حتى وقت متأخر من العصور الحديثة من خلال بعض الفرق الباطنية.
عند لاو تسو، يحل مفهوم التاو تماما محل مفهوم قوة السماء تي يين. وكلمة تاو تعني في الأصل الطريق، وقد استخدمت في المؤلفات السابقة على لاو تسو مقترنة بالسماء، فقيل طريق السماء بمعنى الطريقة التي تفعل بها قوة السماء. أما هنا، فيقتصر مفهوم التاو على الإشارة إلى المبدأ الكلي المجرد، الذي حل محل مفهوم السماء في جميع مناحي فعلها كقوة إلهية كونية . ولاو تسو، عندما يحاول في مطلع كتابه تقديمنا إلى مفهوم التاو، ينبهنا ابتداء إلى أن الكلمات لا يمكنها الإحاطة بالتاو، واللغة مقصرة عن الإشارة إليه، فهو بلا اسم لأن في التسمية تحديدا وتشخيصا من نوع ما، وهو بلا صفات ولا خصائص لأن هذه تلحق النسبي ولا تطال المطلق الأبدي. نقرأ في الفقرة الأولى من الفصل الأول في الكتاب:
1
التاو الذي يمكن التحدث عنه
अज्ञात पृष्ठ