धू नूरय्न उस्मान इब्न अफ्फान

अब्बास महमूद अल-अक्काद d. 1383 AH
62

धू नूरय्न उस्मान इब्न अफ्फान

ذو النورين عثمان بن عفان

शैलियों

1

أنه قال لعثمان بعد مقالته الأولى: «فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا»، فإنها لمن نبوءاته التي جعلته من المحدثين، أي من الذين يتحدث إليهم بلسان الغيب، كما قال عنه النبي عليه السلام.

ولا خوف عليهم من الناس إذا اتفقوا كما قال لهم حين دعاهم للمشاورة وانتخاب واحد منهم للخلافة، فليس أسلم عاقبة ولا أصدق حجة من اتفاقهم على إسناد الخلافة إلى أحدهم، فإن اتفق أكثرهم فأبو طلحة مأمور بحسم الفتنة قبل أن تنجم والقضاء على المخالفة قبل أن يبرح مجلس الشورى، فإن لج الخلاف مع هذا وبعد هذا فلا حيلة فيه.

وقد روى الثقات حديث النبي عليه السلام حين عاد من حجة الوداع قبيل وفاته، فقال: «أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا له ذلك، يا أيها الناس إني راض عن: عمر، وعلي، وعثمان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن مالك، وعبد الرحمن بن عوف، والمهاجرين الأولين، فاعرفوا لهم ذلك ...»

فحسب عمر أن يرتضي للمشاورة في أمر الخلافة من رضي النبي عليه السلام عنهم قبيل وفاته، وحسبه مع هذا أن يكون هؤلاء النفر الكرام المرضي عنهم هم ملتقى الآراء بين خاصة المسلمين وعامتهم، فلا يسمون خليفة إلا كان واحدا من هؤلاء، ولا يحاول أحد في ذلك العصر أو في عصرنا هذا أن يزيد عليهم علما من أعلام الإسلام يومئذ إلا اعترضه مانع أو كان مستنده إلى سبب غير جامع، فقد كان العباس بن عبد المطلب حيا في ذلك الحين فلم يدخل في أصحاب الشورى، وقال ابن جرير الطبري في تعليل ذلك: «أنه - أي عمر - إنما جعلها في أهل السبق من البدريين والعباس لم يكن مهاجرا ولا سابقا ولا بدريا ...»

ولكن الواقع أن العباس لم يذكر في خطبة الوداع، ولم يكن من المرشحين للخلافة مع وجود علي، وهو نفسه قد تقدم لمبايعة علي ثم أشار عليه ألا يدخل في جماعة الشورى فليس في استثنائه تعسف من عمر، وإنما التعسف أن يختاره لسبب ولا يختار معه كل من يشاركونه في هذا السبب، وذلك هو الاستثناء الذي لا يغني شيئا ولا يطاع بسند شامل براء من التحكم والجزاف. •••

ولقد علمنا فيما علمناه وألممنا به آنفا من آراء المعقبين على خطة الصديق وخطة الفاروق، أن بعضهم ود لو كان الفاروق قد نهج على منهاج سلفه في اختيار خلفه، وأنهم عابوا عليه أن يكل إلى الستة أن يتشاوروا في انتخاب واحد منهم؛ لأنهم تولوا هذه المهمة فداخل كلا منهم الأمل في الخلافة والإيمان بصلاحه لولايتها، فانفتح بينهم باب التنافس وتطرقت إليهم نوازع الشقاق في هذا الباب.

ومعاوية بن أبي سفيان كان على رأس القائلين بهذا الرأي وهو نفسه حجة على نقيضه؛ لأنه قد اشرأب إلى الخلافة وتصدى للمبايعة بها، وليس هو من الستة ولا من كان يطمع في إسنادها إليه بوصية من الفاروق لو اختار الفاروق أن يعهد بعده لخليفة يسميه باسمه، وقد نادى معاوية بولاية العهد لابنه يزيد وبويع عليها طوعا أو كرها لم يحسم بذلك خلافا بين المسلمين عامة ولا بين بني أمية أو أبناء بيت أبي سفيان.

وما نحسب أن عمر كان يؤمن بترجيح واحد من الستة على الآخرين وإجماع المسلمين على مثل رأيه فيه، وأنه قادر على رد المخالفين له إلى الإجماع إن كان من الناس من يخالفه قبل المبايعة، وليس البحث في هذا المقام عن فضل العلم أو فضل البأس والفروسية، فربما قل الخلاف على صاحب الفضل فيهما بين أصحاب الشورى ورؤساء المهاجرين والأنصار كافة، وإنما البحث فيمن يجمع الناس إلى حكمه وفضله، وهو بحث لازم لا غنى عن المشاورة يومئذ فيه، ولو استغنى عنه أحد لاستغنى عنه عمر ولم يبال إن كان يحكم برأيه في ولاية العهد على يقين.

ولا ريب أنه حصر المرشحين بعده للخلافة؛ فأحسن حصرهم ولم يدع واحدا منهم خارجا من زمرتهم، فهم مرشحون لها عند أنفسهم وعند أنصارهم قبل أن يندبهم للمشاورة فيها، فإن صارت إلى واحد منهم باتفاقهم كان هذا ألزم لهم وأوجب؛ لتحرجهم من الخروج على من ولي الأمر باختيارهم، وكان أوجب لتحرجهم كذلك من الخروج على مشيئة عمر التي أملاها ورتب لها نتائجها.

अज्ञात पृष्ठ