धू नूरय्न उस्मान इब्न अफ्फान
ذو النورين عثمان بن عفان
शैलियों
ليس عثمان من هؤلاء.
ومن الناس من لا يعرف العزم تابعا أو متبوعا، ولا يثبت عليه إذا عرفه إلا ريثما يدفعه الخطر عنه، وقد ينثني عن عزمه بغير خطر؛ لأنه من الوهن والعي بحيث لا يقوى على الثبات.
وليس عثمان من هؤلاء.
فليس هو مقتحما ولا هو منقادا عاجزا عن العزم والثبات، ولكنه وسط بين الاقتحام والانقياد لغيره في جميع الأحوال.
إنه ينقاد ويسوغ انقياده لنفسه بمسوغ ترضاه، ولا بد له من المسوغ المرضي في جميع الأحوال.
هؤلاء أيضا يختلفون في مسوغ الانقياد للآخرين، فمنهم من ينقاد لمن هم أكبر منه ويأبى الانقياد لمن هم مثله أو دونه في المنزلة، ومنهم على نقيض ذلك من ينقاد لمن هم أنداده أو ينقاد لمن هم دونه، ويأبى الانقياد للنظراء والرؤساء.
ومسوغ الأولين الذين ينقادون لمن هم أكبر منهم أن الانقياد للأكبر طبيعة في كل علاقة بين رئيس ومرءوس، ويدين بهذا المسوغ من لا حق له في الرئاسة، أو من لا مطمع له فيها على الأقل إلى حين، فقد يكون صغيرا يرجو أن يكبر، أو خاملا يرجو أن يعرف، أو مبتدئا يرجو أن ينتهي إلى العظمة كما انتهى إليها من يعظمهم من الرؤساء.
أما مسوغ الآخرين الذين ينقادون لمن هم أنداد لهم أو من هم دونهم، فهو أنهم أمنوا أن ينسب انقيادهم إلى ذلة أو خوف، وبخاصة حين يكون المنقاد معروف الوجاهة والرئاسة، مساويا لمن يدله ويشير عليه، أو راجحا عليه بالمكانة والسلطان.
وكذلك كان عثمان في اهتدائه إلى الإسلام بنصيحة أبي بكر الصديق، فقد كان عثمان أجمع لأسباب الوجاهة من أبي بكر في عرف عصره: كان من أمية وأبو بكر من تيم، وكان أغنى منه وأقدر على مخالفته، وكان أبو بكر إلى جانب هذا وذاك يدعوه إلى الإيمان برسول يتبعانه معا فيقبل إن شاء، ويأبى إن شاء، ولا سلطان له عليه.
وكذلك كان عثمان في إصغائه لمروان بن الحكم حيث أصغى إليه، فقد كان مروان كاتبه وتابعه، وكان إصغاؤه له لغير خوف أو مذلة، وعلما منه بأنه محسوب عليه.
अज्ञात पृष्ठ