١٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَاطِرْقَانِيُّ فِي إِذْنِهِ وَكِتَابِهِ، أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَمَاعَةٍ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا، فَفِي آخِرِ نَفَسِهِ قَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، يُرِيدُ تَلْقِينَهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَيْهِ دَفْعَتَيْنِ وَثَلاثَةً، أَيِ اسْكُتْ، يُقَالُ لِي مِثْلُ هَذَا! .
١٣ - وَكَانَتْ وَفَاتُهُ ﵀، لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ سَلْخَ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ دُولْكَابَاذَ، خَارِجِ بَابِ دُزَيٍّ، وَقَبْرُهُ مَشْهُورٌ، يُتَبَرَّكُ بِزِيَارَتِهِ.
١٤ - وَقَدْ رَثَاهُ، بَعْدَ مَوْتِهِ، غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُعَرَاءِ وَقْتِهِ، فَمِنْهُ: مَا أَنْشَدَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ﵀، قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، قَالَ: أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْجُرْجَانِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، يَرْثِي الإِمَامَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَنْدَهْ ﵀:
الْيَوْمَ طَابَ بُكَاءُ النَّاسِ وَالْحَرَبُ ... الْيَوْمَ طَالَ هُمُومُ النَّفْسِ وَالْكَرْبُ
الْيَوْمَ أَظْلَمَتِ الدُّنْيَا وَحَلَّ بِهَا ... كَوَاكِبُ النَّحْسِ وَالإِدْبَارِ وَالنَّكَبُ
الْيَوْمَ شَمْسُ الضُّحَى فِي الأُفْقِ بَالِيَةٌ ... وَأَدْمُعُ الْبَدْرِ طُولَ اللَّيْلِ تَنْسَكِبُ
الْيَوْمَ أَضْحَتْ نُفُوسُ الْخَلْقِ وَالِهَةً ... وَضَجَّتِ الْمُدُنُ وَالأَعَجَامُ وَالْعَرَبُ
مِنْ هَوْلِ رُزْءٍ عَظِيمٍ هَدَّ جَانِبَهُمْ ... وَعَزَّ صَبْرٌ وَحَلَّ الْوَيْلُ وَالْحَرْبُ
1 / 38