تركب السهام فلما ركبت أمر حاشية الملك بأن يأخذ كل واحد سهما وأمرهم أن يرموها عن قوس واحد على العسكر المحتاط بهم فتلألأ لمعان نصالها حتى أدهش العيون فأمر الملك أن تجمع فلما جمعت بين يديه أمر أن يقرأ ما عليها فإذا هو مكتوب:
ومن جوده يرمي العفاة بأسهم ... من الذهب الابريز صيغت نصولها
لينفقها مجروحها في دوائه ... ويشتري الأكفان منها قتيلها
فلما سمع ذلك أمر بالرحيل من ساعته وقال مثل هذا لا يحاصر ولا يقاتل.
ومن ذلك ما يحكي أن الشيخ شمس الدين المعروف بالدجوي رحمه الله تعالى كان يتعشق مليحا فرآه بعد مدة وهو يتوجع من دمل طلع في دبره فسأله فقال دمل في ذلك المحل فضحك الشيخ ضحكا شديدا وقال ما رأيت أعجب من هذا الدمل فقال له الشاب ولم قال الدمامل تطلع في أضيق المواضع وهذا على غير القياس جاء في أوسع المواضع فتبسم الشاب خجلا ومضى انتهى.
لطيفة يحكى أن نقيب الأشراف ببغداد كان يهوى غلاما اسمه صدقة فأخذه ابن المنير الطرابلسي يوما وأضافه وجلس في طبقة له فذهب إليهم على خفية وقال:
يا من هم في الطبقة ... هل عندكم من شفقة
لسائل متيم ... يطلب منكم صدقة
فأجابه ابن المنير ارتجالا في الحال بقوله:
يا من أتانا سرقة ... بمهجة محترقة
جدك يا ذا لم يجز ... أخذك منا صدقة
पृष्ठ 224