وعرضه علي، فإذا بيننا وبينه فراسخ، فركضنا ساعةً، وجزنا في ركضنا بقصرٍ عظيم قدامه ناورد يتطارد فيه فرسان، فقلت: لمن هذا القصر يا زهير - قال: لطوق بن مالك؛ وأبو الطبع صاحب البحتري في ذلك الناورد فهل لك في أن تراه - قلت: ألف هل، إنه لمن أساتيذي، وقد كنت أنسيته. فصاح: يا أبا الطبع، فخرج إلينا فتىً على فرس أشعل، وبيده قناة، [فقال له زهير: إنك مؤتمنا، فقال: لا، صاحبك أشمخ مارنًا من ذلك لولا أنه ينقصه؛ قلت: أبا الطبع على رسلك، إن الرجال لا تكال بالقفزان، أنشدنا من شعرك] . فأنشد:
ما على الركب من وقوف الركاب ... حتى أكملها، ثم قال: هات إن كنت قلت شيئًا، فأنشدته:
هذه دار زينبٍ والرباب ... حتى انتهيت فيها إلى قولي:
وارتكضنا حتى مضى الليل يسعى ... وأتى الصبح قاطع الأسباب
فكأن النجوم في الليل جيش ... دخلوا للكمون في جوف غاب
وكأن الصباح قانص طير ... قبضت كفه برجل غراب