235

धखिरा

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

संपादक

إحسان عباس

प्रकाशक

الدار العربية للكتاب

प्रकाशक स्थान

ليبيا - تونس

كاللقوة في المرقب، سام نظره، قد ضم حجناحيه، ووقف على مخلبه، لا تتاح له جارحة إلا اقتصها، ولا تنازله طائرة إلا اختطفها، جرأته كشفرته، وبديهته كفكرته، فذلك الألسن يوم حرب الكلام، لا تخطئ ضربته، ولا تصاب غرته.
ومنهم من يتجافى الكلام، ويروغ عن المقال، فإذا مني به، أخذ بأطراف المحاسن، وشارك في أنحاء من الصنعة، وجل ما عنده تلفيق وحيلة، وبذلك يصاحب الأيام، ويجاري أبناء الزمان، ما كان له عقل يغطى على نقصانه، وسياسة يسوس بها فحول زمانه. ومن خرج عن هذه الطبقات الثلاث لم يستحق اسم البيان، ولا يدخل في أهل صناعة الكلام.
وفي فصل له: قال أبو عامر: وقوم من المعلمين بقرطبتنا ممن أتى على أجزاء من النحو، وحفظ كلمات من اللغة، يحنون على أكبادٍ غليظة؛ وقلوبٍ كقلوب البعران، ويرجعون إلى فطنٍ حمئة، وأذهانٍ صدئة، لا منفذ لها في شعاع الرقبة، ولا مدب لها في أنوار البيان. سقطت إليهم كتب في البديع والنقد فهموا منها ما يفهمه القرد اليماني من الرقص على الإيقاع، والزمر على الألحان، فهم يصرفون غرائبها فيما يجري عندهم تصريف من لم يرزق آلة الفهم، ومن لم تكن له آلة الصناعة، مما هي مخصوصة بها، لا تقوم تلك الصناعة إلا بتلك الآلة؛

1 / 239