230

धखिरा

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة

संपादक

إحسان عباس

प्रकाशक

الدار العربية للكتاب

प्रकाशक स्थान

ليبيا - تونس

أنسابًا وقراباتٍ تبدو في الكلمات، فإذا جاور النسيب النسيب، ومازج القريب القريب، وطابت الألفة، وحسنت الصحبة؛ وإذا ركبت صور الكلام من تلك، وحسنت المناظر، وطابت المخابر، أفهمت - قال لي: إي والله، قلت له: وللعذوبة إذا طلبت، والفصاحة إذا التمست، قوانين من الكلام، من طلب بها أدرك، ومن نكب عنها قصر، أفهمت - قال: نعم، قلت: وكما تختار مليح اللفظ، ورشيق الكلام، فكذلك يجب أن تختار مليح النحو، وفصيح الغريب، وتهرب عن قبيحه، قال: أجل، قلت: أتفهم شيئًا من عيون كلام القائل:
لعمرك إني يوم بانوا فلم أمت ... خفاتًا على آثارهم لصبور
غداة التقينا إذ رميت بنظرة ... ونحن على متن الطريق نسير
ففاضت دموع العين حتى كأنها ... لناظرها غصن يراح مطير فقال: إي والله، وقعت " خفاتًا " موقعًا لذيذًا، ووضعت " رميت " و" متن الطريق " وضعًا مليحًا، وسرى " غصن يراح مطير " مسرىً لطيفًا، فقلت له: أرجو أنك تنسمت شيئًا من نسيم الفهم، فاغد عليّ بشيء تصنعه. قال أبو عامر: وكان ذلك اليهودي ساكتًا يعي ما أقول؛ فغدا ذلمك القرطبي فأنشدني:
حلفت برب مكة والجمال ... لقد وزنت كروبي بالجبال

1 / 234