وفي سنة 442 توفي الأمير عبد العزيز ابن الأمير هلال، ثم توفي الأمير عيسى بن الأمير موسى سنة 444، وكان ورعا في الدين كثير التصدق، وولد له الأمير عمر والأمير حسان والأمير حسين، وفي سنة 448 توفي الأمير معضاد ابن الأمير حسام ابن الأمير أبي بكر، وله الأمير عبيد والأمير طريف، وفي هذه السنة أتم الأمير عمر بناء دار العين والحمام بالقرب منها في قرية عرمون، وتزوج بالسيدة زينب ابنة الشريف علي؛ أزوجه منها أخوها الشريف أحمد، والشريف علي هو ابن محمد بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ثم توفي الأمير أبو المجد عبد الكريم ابن الأمير مفرج ابن الأمير زيدان سنة 452، وله الأمير زيدان، فتوفي زيدان بعده بقليل، وفي هذه السنة نفسها توفي الأمير طلحة ابن الأمير امرئ القيس ابن الأمير مطوع، وولد له: الأمير مطوع، والأمير عثمان، والأمير صدقة. وتوفي الأمير سعد الدولة طي ابن الأمير حمزة ابن الأمير مرة، توفي وله ولد صغير توفي بعده بقليل، وكانت وفاته في سنة 458، وكان عالما فاضلا غزير المعرفة بالنحو والفرائض، ألف كتابا في النحو سماه المورد الصافي. وفي سنة 463 توفي الأمير علي ابن الأمير طعمة ابن الأمير غالب وولد له الأمير طعمة، والأمير عبد الرحيم، والأمير عبد الحليم من السيدة تقية ابنة الأمير فوارس ابن الأمير معضاد الفوارسي، ابتنى بها الأمير علي، وأزوج أخته السيدة زهرة بالأمير يوسف ابن الأمير فوارس.
وفي سنة 467 توفي الأمير أبو زيد حسان ابن الأمير عيسى ابن الأمير موسى وله الأمير زيد، وتوفي هذا صغيرا، وفي سنة 470 توفي الأمير أبو الفوارس رشد الدولة زنكي ابن الأمير صالح ابن الأمير محمود ابن الأمير مسعود وعمره ثمان وأربعون سنة، وكان بعيد الهمة شديد الحظوة لدى الملوك، ولي الأعمال الكبيرة، مثل اللجون وبعلبك وصفد، ثم توفي الأمير فوارس ابن الأمير عبد الله ابن الأمير مفرج في سنة 469، ولم يولد له أحد، وتوفي الأمير خزاعة ابن الأمير امرئ القيس ابن الأمير مطوع في سنة 470، وولد له أولاد توفوا جميعا بحياته، وتوفي الأمير شجاع الدولة عمر ابن الأمير عيسى في سنة 481 وعمره اثنتان وستون سنة، ولم يولد له سوى الأمير علي؛ سماه باسم جده الشريف علي، وقبل وفاته بعشرة أشهر توفي الأمير عمرو بن الأمير امرئ القيس ابن الأمير معروف بلا ولد، وكان ورعا كثير التهجد، قضى غالب عمره بالسياحة، وتوفي الأمير أبو عون مصطفى ابن الأمير عون ابن الأمير موسى عن ولدين؛ وهما: الأمير عون، والأمير مالك. فالأمير عون توفي بتولا في سنة 493، وفي سنة 494 جهز الأمير عضد الدولة علي رجالا وسيرهم إلى مفارة نهر الكلب يكمنون للأمير بلدوين الفرنسي أخي جوفروا ملك بيت المقدس؛ إذ كان قادما إلى القدس في ألف رجل ليرث تاج أخيه، ولما التقى بالمكمنين حاربهم وظفر بهم، وظل سائرا في طريقه. وفي السنة التالية جمع الأمير عضد الدولة علي رجالا من بيروت وصور وصيدا وعكة، وسار بهم إلى نهر الكلب ليقطع الطريق على الأمير ريمون أمير طولوسا، فاستنجد الأمير ريمون بالملك بلدوين فحضر من القدس بعسكره، ولما بلغ نهر الكلب انهزم عضد الدولة برجاله إلى بيروت، وحاصر فيها، ورجع بلدوين ومعه ريمون إلى القدس، وإذ بلغ شمس الملوك رقاق ملك الشام ذلك ولى الأمير عليا صيدا، وأمره بتحصينها وبتحصين بيروت؛ فحصنها. وأرسل إلى صيدا نائبا عنه الأمير مجد الدولة محمد ابن الأمير عدي ابن الأمير سليمان ابن الأمير عبد الله من الأمراء بني عبد الله.
وفي سنة 504 / 1110 جمع بلدوين جيوشه وحاصر بيروت برا وبحرا، وكان فيها الأمير شجاع الدولة وجماعة من ذوي قرباه، ولما تعذر على بلدوين فتحها استنجد بإفرنج السواحل وأمراء المردة على ما مر في تاريخهم فيما سبق؛ فأنجدوه، فتجمع من في الأنحاء الشمالية في جبيل، ومن في الأنحاء الجنوبية في مرج الغازية، ثم هب الفريقان في يوم واحد، الشماليون على طريق الجرد والجنوبيون على طريق الساحل، ودهموا الغرب صباحا فأحرقوه بعد أن نهبوا ما فيه، وقتلوا وأسروا من بلت يدهم به، ولم ينج إلا الذي لم تقع عينهم عليه من المختبئين والفارين، فقتل من الأمراء الأمير موسى بن إبراهيم بن أبي بكر بن المنذر وأولاده الصغار والأمير القاسم بن هشام بن أبي بكر وولده الأمير إدريس، والأمير مودود بن سعيد بن قابوس وولداه الأمير أسد والأمير زهير، والأمير مالك بن مصطفى بن عون، والأمير عبيد بن معضاد بن حسام، والأمير يحيى بن الخضر بن الحسين بن علي، وأخوه الأمير يوسف، والأمير علي بن حليم بن يوسف بن فارس الفوارسي وأولاده وإخوته وبنو عمه؛ فانقطعت بهم سلالة بني فوارس، وأسر الأمير ثابت بن معروف بن علي وحفيده الأمير عبد الرحمن بن فراس بن ثابت، ثم قتلا مع المأسورين في بيروت، ولم يبق من الأمراء الموجودين في الغرب سوى الأمير بحتر ابن الأمير عضد الدولة علي؛ إذ أخفته أمه في عرمون حتى جلت الإفرنج عنها، ثم انحدرت الإفرنج إلى بيروت وشددوا عليها الحصار، ففتحوها بالسيف بعد حصرها شهرين فقتل من الأمراء: الأمير الكبير عضد الدولة علي؛ وكان شجاعا كريما عاقلا صبورا بعيد الهمة، والأمير سالم بن ثابت بن معروف، والأمير عبد الحليم بن علي بن طعمة وولده الأمير ساعد وأخوه الأمير عبد الرحيم بن علي. وأسر ثلاثة منهم: الأمير الخضر بن علي بن الحسين، وولده الأمير الحسين، والأمير علي بن طعمة بن علي. وجماعة غيرهم، وفي اليوم الثاني أخرج بلدوين الأسرى جميعا خارج المدينة وضرب أعناقهم كافة، وسار بجيوشه برا وبحرا، ونازل صيدا، وكان فيها الأمير مجد الدولة - كما تقدم - فشدد عليها الحصار، ولما يئس الأمير ومن فيها من السلامة عقدوا مع بلدوين صلحا على عشرين ألف درهم، فخرج الأمير مجد الدولة سالما مسلما البلدة لبلدوين، وأتى الغرب فألفاه قاعا صفصفا لا يسمع فيه إلا البكاء والعويل، ثم شرع في الترميم واسترجاع السكان واستقل بالإمارة. وفي سنة 531 كتب إليه ملك دمشق طغتكين كتابا يوليه الإمارة ويقطعه قرى معينة، ولما اشتد ساعده جعل يغزو الإفرنج فندموا على إطلاقه، وما زال كذلك حتى قتل في سنة 532 في أرض البرج وله الأمير عبد الله فولي الإمارة بعد الأمير بحتر المعروف بناهض الدين أبي العشائر بن عضد الدولة علي، وهو الذي تخلف من أمراء الغرب؛ إذ أخفته أمه وكان صغيرا، وما زال بحتر بالإمارة إلى أن توفي سنة 561 وله الأمير علي. وكان الأمير بحتر صادق المقال كريم الفعال، جرى له وقائع كبيرة مع الإفرنج، من أعظمها واقعة رأس التينة، جرت في سنة 546 عند نهر الغدير، قتل فيها من الإفرنج خلق كبير، وانهزم الباقون إلى بيروت وتحصنوا فيها، ولما توفي الأمير بحتر أقطع الغرب الملك نور الدين محمود بن زنكي الأمير كرامة المعروف بأمير الغرب التنوخي، أو زهر الدولة. وفي سنة 1162 مسيحية، كتب الملك المنصور الضرغام ملك مصر إلى الأمير علي يطلب منه أن يسعى جهده في إخراج أمراء الشام عن نور الدين ونجدة شاور الذي كان رئيس الوزارة في مصر، وأن يكاشف هذا الرئيس بأحوالهم وأخبارهم؛ فبلغ نور الدين ذلك فتغير عليه، ثم توفي الأمير كرامة وله أربعة أولاد، فقتلهم الإفرنج، ثم ساروا إلى عرمون فلقيهم الأمير عرف الدولة علي فاقتتلا، وكان الأمير وأعوانه على تل عال فرموا الإفرنج بالحجارة والنبال وانحدروا عليهم انحدار السيل من قمم الجبال، فهزموهم وشتتوهم، واستقل الأمير بالإمارة. ولما بلغ ذلك الملك الصالح بن نور الدين كتب إلى الأمير علي كتابا يثني به عليه ويوليه الغرب على نحو ما كانت آباؤه وأجداده.
وفي سنة 1186 مسيحية وقعت نفرة بين الأمير عرف الدولة علي وبين الأمير جمال الدين حجي بن كرامة التنوخي؛ وذلك لأن صلاح الدين يوسف لما فتح بيروت ولى جمال الدين الغرب وأقطعه ما كان لأبيه، ولبثت تلك النفرة حتى حاصرت الإفرنج بيروت في سنة 1195 مسيحية، وانهزم عامل بيروت الأمير عز الدين أسامة الكناني صاحب حجي، واستولت الإفرنج عليها فخاف الأمير حجي على نفسه، وصالح عليا، وارتحل إلى طردلا، وكان لكل إقطاعه، وتوفي الأمير عرف الدولة قوام الدين علي ابن الأمير ناهض الدين بحتر ابن الأمير عضد الدولة علي سنة 627 ودفن في عرمون، وكان فصيح اللسان عادلا بالرعية، وولد له أولاد لم يعش منهم سوى الأمير زين الدين صالح، فولد للأمير زين الدين الأمير أبو اليمن عضد الدولة بحتر، ثم ولد له الأمير قطب الدين مفرج، ثم ولد له الأمير بدر الدين يوسف، ثم علا صلاح الدين مسعود، ثم الأمير الأفضل أبو البشر شاكر، ثم الأمير شرف الدين علي وأمهم جميعا جميلة ابنة الأمير أنجم الدين محمد ابن الأمير جمال الدين حجي بن كرامة التنوخي، وولد للأمير قطب الدين مفرج الأمير تقي الدين نجا، ولبدر الدين يوسف سيف الدين مفرج، ولعلاء الدين مسعود عماد الدين موسى، وتوفي الأمير زين الدين أبي الجيش صالح في سنة 695 / 1295م وله من العمر سبعون سنة ونيف، ودفن في عرمون الغرب، وكان شجاعا وله عدة آثار منها ترميم المسجد والحمام ودار عرمون التي كان أحرقها الإفرنج، وتوفي ولده الأمير أبو اليمن عز الدولة بحتر قبل وفاته بإحدى عشرة سنة وولده الأمير بدر الدين يوسف قبل وفاته بخمس سنين.
وفي سنة 704 / 1304 تزوج الأمير سيف الدين مفرج بالشريفة نفيسة ابنة الشريف زين الدين محمد بن عدنان؛ أزوجه لما توجه للغرب في السنة المذكورة للصلح بين أهل كسروان والجبل وبين أمراء الغرب مندوبا لذلك من أقوش الأخرم نائب دمشق؛ فدعاه الأمير المذكور وأنزله بداره، وخطب منه ابنته نفيسة لنفسه، ابتنى بها، فولد له منها الأمير نور الدين صالح، وتوفي الأمير شرف الدين علي ابن الأمير أبي الجيش في سنة 715، وله الأمير بدر الدين يوسف، ثم توفي الأمير تقي الدين نجا ابن الأمير قطب الدين مفرج ابن الأمير أبي الجيش زين الدين صالح في سنة 722، وكان حسن الخط متمكنا في النحو، وله الأمير نور الدين عثمان والأمير عز الدين حمدان. وفي سنة 730 توفي الأمير عماد الدين موسى ابن الأمير علاء الدين مسعود، وكان بعيد الهمة شجاعا حكيما، وله الأمير فيض الدين عمر من زوجته السيدة عصمة الدين عفيفة ابنة الأمير ناصر الدين الحسين ابن الأمير سعد الدين خضر ابن الأمير نجم الدين محمد التنوخي. وفي سنة 740 توفي الأمير سيف الدين مفرج، ولم يولد له سوى الأمير نور الدين صالح، ثم توفي في سنة 772 الأمير أبو الفيض مجد الدين إسماعيل ابن الأمير أبي العز صدر الدين إبراهيم ابن الأمير أبي البشر شاكر، وولد له من زوجته عدلا ابنة الأمير شرف الدين علي ابن الأمير عز الدين جواد ابن الأمير علم الدين سليمان من الأمراء بني عبد الله الأمير سعد الدين طاهر، فتوفي بلا عقب في سنة 772، وفي هذه السنة نفسها توفي الأمير عز الدين مفرج وهو ابن تسع سنين، وفي سنة 788 توفي من بني أبي الجيش الأمير علم الدين سليمان ابن الأمير فيض الدين ابن الأمير عماد الدين موسى، ولم يعقب أحدا. وفي سنة 789 توفي الأمير صلاح الدين صدقة ابن الأمير أبي الجود زين الدين عبد المحسن ابن الأمير صدر الدين إبراهيم، ثم في سنة 790 / 1388م كانت وقعة الغرب بين الأمير أرغون نائب منطاش وتركمان كسروان وأنصاره الأمراء أولاد الأعمى وبين أمراء الغرب أصحاب الملك الظاهر؛ فانهزم أمراء الغرب، ونهبت بيروت، وأحرق من قرى الغرب: عيناب، وعين عنوب، وشملال، وعيتات، وما دونها. وقتل من الأمراء من بني أبي الجيش الأمير نور الدين صالح ابن الأمير سيف الدين مفرج جد الأمير جمال الدين عبد الله، وقتل الأمير عز الدين حمدان ابن الأمير تقي الدين نجا، وقتل الأمير جمال الدين عبد الله بن الأمير نور الدين عثمان، وقتل ولده الأمير شجاع الدين عماد، وأسر الأمير ناصر الدين بشير ابن الأمير بدر الدين يوسف ابن الأمير شرف الدين علي والأمير قطب الدين خزاعة ابن الأمير علاء الدين مسعود، وأخوه الأمير نجم الدين أسعد والأمير عز الدين الحسين ابن الأمير بدر الدين يوسف أخي الأمير ناصر الدين بشير.
وبالجملة، فإنه لم ينج من الأمراء بني الجيش سوى الأمير سيف الدين يحيى ابن الأمير نور الدين صالح والد الأمير جمال الدين عبد الله؛ فإنه نجا هو وبعض من أصحابه، وقد تبعه أعداؤه وهو يقاتلهم مقاتلة الأسود، وما زالوا في أثره حتى قتل جواده، وجرح هو جرحا مثخنا، وتفرق عنه أعوانه، فمال عن وجه أعدائه إلى دار في الغرب يريد الاختفاء بغية النجاة، فألفى أمه مختبئة مع بعض النساء في كهف هناك، فضمته إليها وشدت جراحه، واختبأ حتى جلا القوم، ولقب ذلك الكهف بمغرام سيف الدين حتى الآن، ولما برئت جراحه أخذ يجمع إليه رجاله. وفي أثناء ذلك حدث أن الملك الظاهر برقوق زحف على باكيش نائب غزة وقتله، فسار الأمير إليه برجاله، وشهد المواقع التي جرت بينه وبين جنتمر وأصحابه وحصار دمشق، فبدت من الأمير هناك شجاعة ولا شجاعة عنتر، وكانت هجماته كهجمات الأسود فسر الملك الظاهر من شجاعته وثبات جأشه، ثم استعان الأمير بالملك على أعدائه تركمان كسروان والأمراء بني الأعمى، وسأله أن يمده بالرجال فأمده، فأتى الأمير كسروان برجاله ودهم التركمان ليلا، فاصطدم الفريقان في جورة منطاش بالقرب من زوق ميكائيل واستعرت بينهما نار الحرب، وقاتل الأمير قتال الأبطال فهزم أعداءه وقتل منهم عددا كبيرا، وقتل الأمير علي بن الأعمى وسار الأمير يقفو آثار المنهزمين، ونهب زوق التركمان وضواحيه، وتحصن الأمير عمر وأخوه الأمير علي ابنا الأعمى في غزير، فحاصرهما الأمير سيف الدين، ثم دخل القرية عنوة، وقبض على الأخوين، وعذبهما عذابا أليما، ثم قتلهما، ثم عاد فأخبر الملك الظاهر بما كان من أمره؛ فأقره الملك أميرا على بيروت والغرب، ولقبته عشيرته بمفرج الكروب، ومدحته الشعراء، ولما خرج الصالح حاجي ومنطاش من مصر لمحاربة الظاهر انضم إلى الظاهر الأمير سيف الدين بجماعة من أمراء لبنان، وحضر الحرب فأبلى فيها بلاء حسنا فازدادت بذلك شهرته، فلما تم للظاهر النصر على أعدائه وهب الأمير فرسين من الخيل الجياد، وأقطعه عدة إقطاعات، وأنعم على جميع الأمراء أصحاب الأمير سيف الدين.
وفي سنة 1413 مسيحية تصدى الأمير سيف الدين للإفرنج الذين خرجوا من البحر إلى البر عند الدامور، وجعلوا يعيثون في الساحل أسرا وقتلا، فصدهم عن الامتداد في السواحل حتى نهض الملك المؤيد شيخ المحمودي الخاصكي من دمشق بجيش جرار لقتالهم، فلقيه الأمير سيف الدين إلى البقاع، واستخلف على رجاله ولده الأمير جمال الدين عبد الله، فعرض على الملك رأيه في قتال الإفرنج كيف ينبغي أن يكون، ودعاه لأن ينزل عنده فأجابه، ونزل هو وحاشيته بدار الأمير بالشويفات، وأما الجيش فنزل على ماء الغدير، وأقام الملك وجيشه ثلاثا والأمير ينفق عليهم، ثم قام الملك بالجيش إلى الناعمة حيث كان رجال الأمير، وهجموا على الإفرنج فهزموهم، ورجع الملك إلى الفريديس فبات بها، ثم انتقل إلى البقاع حيث ودعه الأمير فخلع عليه خلعة سنية، ولقبه بملك الأمراء، وضم إليه جميع الولايات الساحلية؛ فعظمت صولة الأمير، وانتشر صيته، وما زال كذلك حتى توفي سنة 827 / 1324 في الشويفات وعمره ثمان وخمسون سنة، وله ثلاثة أولاد: جمال الدين عبد الله، وصلاح الدين مفرج، وفخر الدين عثمان؛ وكان طويل القامة عريض الصدر جميل الطلعة، نال شهرة لم ينلها غيره من الأمراء.
وفي سنة 850 / 1446 توفي الأمير جمال الدين عبد الله بن الأمير سيف الدين يحيى وله سيف الدين يحيى، وفي السنة الثانية من وفاته ولي أخوه الأمير صلاح الدين مفرج إمارة جبل لبنان، وبقي بالإمارة إلى أن توفي في سنة 888 / 1472 وولد له الأمير زين الدين صالح والأمير بهاء الدين خليل، ثم توفي الأمير فخر الدين عثمان ابن الأمير أبي المكارم يحيى في سنة 890 وله الأمير صلاح الدين يوسف وهو سبط الأمير عز الدين صدقة ابن الأمير شرف الدين عيسى التنوخي، وفي سنة 900 توفي الأمير صدر الدين إبراهيم ابن الأمير سيف الدين يحيى ابن الأمير جمال الدين عبد الله، ولم يولد له ذكر، ثم توفي الأمير بهاء الدين خليل ابن الأمير صلاح الدين مفرج في سنة 916، وله الأمير جمال الدين أحمد والأمير نور الدين محمد.
وحدث في سنة 921 / 1515 أن وقعت موقعة في مرج دابق بين السلطان سليم خان العثماني وبين الملك الأشرف قانصوه الغوري الجركسي، وكان من أتباع الأشرف جان بردوي الغزالي وخير بك الجركسيان، فمال هذان إلى خيانته لوحشة بينهما وبين متبوعهما، فمالآ السلطان سليما. وكان الأمير جمال الدين وجماعته من أمراء لبنان إلا بني كرامة التنوخيين يميلون إلى الغزالي، فلما التقى الجيشان فر الغزالي ورفيقه خير بك إلى السلطان سليم، وانضما إلى معسكره ومعهما الأمير جمال الدين وبقية الأمراء والأعوان، وإذ قتل الغوري في تلك الموقعة واستقرت السلطة على الديار الشامية للسلطان سليم ولى الغزالي عليها، فولى الغزالي الأمير جمال الدين بلاد الغرب والمتن والجرد، وولى الأمير قرقماز المعني الشوف والأمير عسافا التركماني كسروان، ثم خرج ابن الحنش عن طاعة السلطان سليم؛ فقدم الغزالي لقتاله، فوافاه الأمير جمال الدين برجاله؛ فاستولى الغزالي على صيدا، وفر ابن الحنش من وجهه. ثم أتى الغزالي ومعه الأمير جمال الدين الشوف، وقبض على بني معن والأمير شرف الدين يحيى التنوخي لممالأتهم ابن الحنش، وضم الشوف لولاية الأمير جمال الدين بحيث أصبح هذا الأمير أميرا على سائر جبل لبنان الجنوبي، ولكن الأمير فخر الدين المعني أصلح أمره لدى السلطان بدمشق فولاه الشوف، فوقعت إذ ذلك النفرة بين الأميرين، فدعا بنو معن أنفسهم قيسية معاكسة للأمير جمال الدين وذويه؛ لأنهم كانوا يمنيين، وقد استحكم الخلاف بينهما استحكاما كبيرا.
وفي سنة 924 / 1518 لجأ بالأمير جمال الدين الأمير قايتباي بن عساف التركماني خوفا من أخويه الأمير حسن والأمير حسين، فأمنه، ثم أصلح بينه وبين أخويه، ولكن قتل الأخوان بعد ذلك، واستفحل الأمر بين القيسية واليمنية، فأدى إلى انتشاب الحرب بين الفريقين. ومما جرى للأمير جمال الدين أنه في سنة 1538 مسيحية سار في مائتي رجل من بيروت إلى قبرس بحرا، وحضر مواقع عساكر الدولة العثمانية فيها، فخلع عليه وزير الدولة، وكتب إلى إياس باشا والي دمشق يوصيه بقضاء حاجاته؛ فعاد فرحا مسرورا، ثم جعل الأمير الولاية في آخر أمره بيد ولده الأمير محمد. وفي سنة 957 / 1550 توفي الأمير نور الدين محمود ابن الأمير بهاء الدين خليل، ثم توفي الأمير شرف الدين علي ابن الأمير صلاح الدين يوسف ابن الأمير فخر الدين عثمان في سنة 960، وكان شجاعا وله من زوجه شقيقة الأمير مظفر ابنة الأمير صلاح الدين يوسف ابن الأمير ظهير الدين الحسن ابن الأمير نور الدين إسحاق علم الدين الأمير فارس والأمير سعيد والأمير سعد الدين، فتوفي الأمير سعد الدين في سنة 975، ثم توفي الأمير عز الدين ابن الأمير نور الدين صالح ابن الأمير بهاء الدين خليل في سنة 983 وولد له الأمير محمد، ثم توفي الأمير جمال الدين أحمد في سنة 994 وعمره مائة سنة، ثم توفي الأمير عثمان بن الأمير سعيد وهو دون البلوغ، وولد للأمير سعيد ولد آخر بعد وفاته فسماه عثمان أيضا، فتوفي بعد وفاة أخيه بثماني سنين، وكانت وفاته في سنة 1010. وفي سنة 1006 توفي الأمير مفرج ابن الأمير فارس، وله: الأمير حمدان، والأمير هاني.
अज्ञात पृष्ठ