علي، فعد الخلافة {بلاء}، وعددتها أنت وأصحابك نعمة." فقال له سالم بن عبد الله: "إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت". وقال له محمد بن كعب: "إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم عندك أخا وأصغرهم عندك ولدا، فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن على ولدك". وقال له {رجاء} بن حيوة: "إن أردت النجاة من عذاب الله فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك وإكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت أذا {شئت}". وإني أقول لك بأني أخاف عليك أشد الخوف يوم تزل فيه الأقدام، فهل معك -رحمك الله- مثل هذا أو من يشير عليك بمثل هذا؟" {فبكى} {هارون} {بكاء} شديدا حتى غشي عليه، فقلت له: "إرفق بأمير المؤمنين!" قال: "{يا ابن} أم الربيع، تقتله أنت وأصحابك وإرفق به أنا؟" ثم أفاق فقال له: "زدني -رحمك الله"، فقال: "{يا أمير} المؤمنين، بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكى إليه، فكتب إليه عمر: {يا ابن} أخي، أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله إلى عذاب الله، فيكون آخر العهد وانقطاع {الرجاء}. فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: "ما أقدمك؟" فقال: "خلعت قلبي بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى {ألقى} الله"." فبكى {هارون} {بكاء} شديدا، ثم قال له: "زدني -رحمك الله"، فقال: "{يا أمير} المؤمنين، إن العباس -عم المصطفى، صلى الله عليه وسلم- قال برسول الله: "أمرني على إمارة"، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فإفعل"
पृष्ठ 290