وكما أنَّه لا حدَّ يقف النَّقصُ عنده، فكذلك لا حدّ لكماله ومنتاه: فعن الوليد ابن مسلم قال: سمعت أبا عمرو (^١) ومالكا وسعيد بن عبد الله يقولون:
(ليس للإِيمان منتهى هو في زيادة أَبدًا وينكرون على من يقول: إنه مستكمل الإيمان وأن إيمانه كإيمان جبريل ﵇ (^٢)
وقد سئل الإمام الأوزاعي عن الإيمان، وهل يمكن أن تقع الزيادة ... فيه. فأجاب: (نعم حتى يكون كالجبال قيل: فينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء) (^٣)
وقال الحميدي: سمعتُ سفيان بن عيينة يقول: (الإيمان يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عُيينة: لا تقل ينقص. فغضب، وقال: اسكت ياصبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء) (^٤)
أَمَّا بطلان المعارض العقلي الثاني: وهو استناد مرجئة المتكلمين إلى الحدِّ المَنطقي.
فيتأتَّى ذلك من وجهين:
الأول: بيان بطلان التَّفريق بين اللوازم الذاتية واللوازم العرضية.
الثاني: بطلان دعوى تحقق المعاني الكلية في الخارج.
أما الوجه الأول:
أنَّ ما ادعوه من الفرق بين اللوازم الذاتيَّةِ الدَّاخلةِ في مفهوم
(^١) يعني: الأوزاعي.
(^٢) "السُّنَّة" لعبدالله بن أحمد بن حنبل (١/ ٣٣٢ - ٣٣٣)
(^٣) "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للالكائي (٥/ ٩٥٩)
(^٤) "التمهيد"لابن عبدالبرِّ (١٥/ ٥٦)