महिलाओं के राज्य में महिलाओं का साम्राज्य
دولة سيدات في مملكة نساء
शैलियों
دولة سيدات في مملكة نساء
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
دولة سيدات في مملكة نساء
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
अज्ञात पृष्ठ
الفصل الرابع
الفصل الخامس
دولة سيدات في مملكة نساء
دولة سيدات في مملكة نساء
تأليف
نقولا حداد
دولة سيدات في مملكة نساء
أما سمعت أيها القارئ بالأمازونيات؟ أوما عرفت شيئا عن تاريخهن؟ أو قرأت أساطيرهن؟ فقد حدث هيرودوتس المؤرخ اليوناني المشهور عن أصلهن وفصلهن، وعرفنا منه أنهن قبيلة من الإناث المحاربات، كانت تقطن في بنطس في آسيا الصغرى على شاطئ البحر الأسود، وكانت ذات مملكة مستقلة تحت سيادة ملكة من أصل شريف منها، وكانت عاصمتها تاميسيرا على ضفة نهر ترمودون حسب نص هيرودوتس.
وكانت الأمازونيات يزحفن من تلك المملكة لمحاربة أهل سيتيا، وتراقيا، وشواطئ آسيا الصغرى، وبحر إيجه، وكن أحيانا يتطرقن إلى سوريا، وبلاد العرب حتى مصر.
ويقال في أصلهن إنهن قدمن إلى مدينة ترمودون من بالوس ومايوتوس على بحر أزوف (قزبين)، ويقال إنهن حاربن مع الإسكندر الكبير.
अज्ञात पृष्ठ
ولم يكن يأذن لرجل أن يقيم في مملكتهن يوما واحدا، وإنما لكيلا ينقرضن كن يزرن مدة أسبوع في السنة قبيلة الجاريجاريين في مملكة جارجاريا المجاورة لبنطس مملكتهن، فالذكور الذين يلدنهم بعد هذه الزيارة يقتلنهم أو يرسلنهم إلى آبائهم إذا كن يعرفنهم. وأما الإناث فيحتفظن بهن وتربيهن أمهاتهن، ويعلمنهن الزراعة والصيد وفن الحرب (بحسب قول المؤرخ سترابو)، راجع دائرة المعارف البريطانية.
ورد في إلياذة هوميروس أنهن غزون ليسيا فهزمهن بيليريفون، وهاجمن الفريجانيس الذين انتصر لهم بريام حين كان لا يزال غلاما على الرغم من أنهن أخذن جانبه ضد الإغريق تحت قيادة ملكتهن بتسيليا التي قتلها أخيل (أو أشيل).
كن يعبدن أريس إله الحرب، وإله تراقيا، والإلهة أرطاميس إلهة النور العذراء، والإله أجكس إله القوة، وكانت أزياؤهن وعاداتهن وتقاليدهن يونانية تقريبا.
وسترى في هذه القصة الغريبة الحوادث العجيبة التقاليد أن القوانين والشرائع التي تناقض الطبيعة البشرية لا يمكن أن تطاع طاعة تامة بصدق وإخلاص، ولا أن تنفذ إلا بالإكراه. فلا يمكن أن تقوى الآلهة على الإله كيوبد (إله الحب)؛ لأن هذا الإله يجاري قوة الله الواحد الأحد الذي قال: «انموا واكثروا، واملئوا الأرض.»
وسترى أيضا أن البشر في العصر الميثولوجي كانوا عن غير قصد ينفذون نبوءات الكهنة أو الكاهنات اللواتي كن يزعمن أنهن نبيات بوحي من الآلهة، يعني أن الناس كانوا متى سمعوا بنص نبوءة يتوجهون إلى تحقيقها من تلقاء أنفسهم، وهم يعتقدون أنهم يفعلون ذلك بدافع من الآلهة، بقوة حافزة في داخلهم، كأن ما يفعلونه قضاء إلهي مبرم لا بد من حدوثه.
وعند التحقيق في حوادث النبوءات كان المحققون يستنتجون أن تلك التكهنات النبوية كانت مكايد ينصبها الكهنة والكاهنات والأشخاص الذين يتصلون بهم وبالهيكل، كهيكل دلفي الذي اشتهر بنبوءاته التي كانت تتحقق بعض التحقيق؛ لأنها كانت مبهمة، وكان المقضي عليهم بمقتضاها يساعدون على تحقيقها منساقين بتأثيرها في أنفسهم.
وسترى في سياق هذه الرواية العجب العجاب من دهاء الكهنة أو الكاهنات، ومقدرتهم في التأثير على الأشخاص والجموع، فاقرأ.
الفصل الأول
في الهيكل
كان الفصل آخر الصيف، وكان الوقت عيد الحصاد تحتفل فيه الكاهنات، ثم سيدات الدولة على رأسهن الملكة، وبقية الأمة وراءهن، في هيكل أجكس إله القوة، وأرس إله الحرب، وهو هيكل فخم رحيب، ووراءه دير الراهبات متصل به، ومن الدير يدخلن من باب خلفي إلى قدس أقداس الهيكل.
अज्ञात पृष्ठ
وفي مقدم الرحبة مذبح للمحرقات وفيه موقد. وفي جهات الهيكل الأربع أعمدة ضخمة مزخرفة بنقوش بديعة. وفي زاويتي الرحبة قاعدتان مرتفعتان لتمثالي الإلهين أجكس وأرس.
وما إن سمع الحشد الموسيقى الرخيمة من وراء قدس الأقداس حتى ارتفع الستار الذي يحجب قدس الأقداس عنهم، وبدت رئيسة الكاهنات، ووقفت في الصدر والمذبح أمامها، وتوالت وراءها الكاهنات صفين إلى جانبي الهيكل، ثم شرعن يرقصن رقصة العيد الوقورة.
ثم دخلت الملكة من يمين الرحبة تتبعها بطانتها المؤلفة من أربع وصيفات. ثم دخلت من شمال الرحبة هيئة الحكومة المؤلفة من ست وزيرات، ووقفن مقابل صف الملكة لدى المذابح، والجمع قدام المذبح.
وكانت رئيسة الكاهنات تلبس جلبابا من الدمقس، طويلا إلى ما فوق القدمين قدر عشر سنتيمترات، بنفسجي اللون، واسع الأكمام، ذا منطقة حمراء. وعنقها مطوق بطوق أحمر، وعلى رأسها قلنسوة بنفسجية تتدلى منها قدتان حمراوان من الأطلس الفاخر، تتدليان على الخدين حتى العنق.
وفي أيسر منطقتها خنجر صغير ذهبي القبضة والغمد مرصع بالجواهر، وفي يدها صولجان ذو شعبتين بحربتين. وفي قدميها حذاء بسيور. وأما سائر الكاهنات فكن يلبسن كالرئيسة بيد أن لون الجلباب أبيض. وما هو أحمر في زي الرئيسة هو أسود في زي الكاهنات، ولهن خناجر صغيرة أنيقة.
أما ثوب الملكة، فكان قصيرا إلى وسط الساق تحت الركبة بخمسة عشر سنتيمترا، ولونه أرجواني، وعلى رأسها إكليل من ورق الغار الصناعي، وفي منطقتها الصفراء الذهبية خنجر ذهبي مرصع، وفي يدها قوس وسهم جميلان.
وكانت أثواب حاشيتها كثوبها، وإنما كان لونها ورديا فاتحا، وليس معهن خناجر، ولا قسي، ولا سهام. وعلى رءوسهن عصائب مزركشة.
وكانت رئيسة الحكومة تلبس كالملكة، وإنما اللون أزرق فاتح، وفي جبهات العصابات ورقتا غار أو ورقة واحدة حسب الرتبة، وفي أقدامهن شبه صنادل.
وأما سائر سيدات الأمة، فكانت أثوابهن بيضا. •••
ولما انتظم الجمع وانتهى رقص الكاهنات رنم الجمع كله هذه الترنيمة بلحن شجوي يشعر بجلال المقام، والراجح أن النغم كان نهوندا أو عجما.
अज्ञात पृष्ठ
1
الترنيمة
فيك يا عيد الحصاد
رمز خيرات البلاد
نجتني اللذات مما
قد زرعنا من جهاد
كم دفنا الحب ميتا
نال في الترب الحياة
من دفين البزر جاء
حيوان ونبات
अज्ञात पृष्ठ
قوة الأحياء فيض
فاض من قلب أجكس
وبه في الحرب نلنا
النصر من كفر أرس
قوة قد حررتنا
من خضوع للرجال
فتمتعنا بخير الز
زرع والضرع الحلال
وكانت رئيسة الراهبات والملكة تنحنيان نحو المذبح كلما انتهى دور من الترنيمة، فتحذو جميع الهيئات حذوهما.
وبعد انتهاء الترتيل، برزت رئيسة الكاهنات من صدر قدس الأقداس نحو متر إلى الرحبة، وأشارت بيدها إشارة إسكات، فصمت الجمع صمتا تاما لسماع نطق الهيكل من فم الكاهنة العظمى. ثم نطقت الكاهنة التي إلى يمين الكاهنة العظمى (الرئيسة) بصوت جهوري بكل تؤدة:
अज्ञात पृष्ठ
سمعا وإصغاء لنطق الهيكل المقدس لأمة أجكس إله القوة، وأرس إله الحرب. نبوءة العام الجديد لأمة الأمازونيات العظيمة التي دوخت الأقطار وخاضت البحار. أمة الإناث التي نفضت عن عنقها نير الذكور. أمة المحاربات التي حطمت قوس كيوبد إله الحب، وتقلدت خنجر أجكس إله القوة وأحرزت قوس أرس إله الحرب، ونالت إكليل الاستقلال المطلق.
سمعا وإصغاء لنطق الهيكل المقدس، واستيعابا لمعناه.
وهنا تقدمت رئيسة الكاهنات خطوتين إلى الأمام، ونطقت بكل تأن بصوت جهوري: «الويل إذا تخطى جسر نهر ترمدون قمر ساطع حين يكمد القمر اللامع.»
ثم سكتت نحو نصف دقيقة وقالت: «والويل ثم الويل إذا انتصر كيوبد إله الحب على أجكس وأرس حين يقترن القمران.»
وفيما رئيسة الكاهنات تتلو هذه النبوءة، كانت الملكة والحاشية ورئيسة الحكومة ينتفضن فرقا.
ولما انتهى نطق الهيكل حدث لغط في الجمع، وكن يتهامسن: «الويل، الويل، لماذا الويل؟»
وقالت أمازونيا - رئيسة الحكومة - بصوت مسموع: «ماذا ارتكب في مملكة بنطس الزاهرة المجيدة من الآثام حتى تنذر بالويل والثبور؟!»
وفي أثناء ذلك انحنت رئيسة الكاهنات 3 انحناءات ببطء لدى المذبح، ثم عادت إلى قدس الأقداس، وخرجت من الباب الخلفي إلى الدير، وحذت سائر الكاهنات حذوها.
وقبل أن تتوارى الكاهنة الأخيرة، أسرعت أوجستينا سيدة القضاء - أي وزيرته - وأمسكت بثوبها وهمست في أذنها قائلة: «بحق الإلهين أجكس وأرس يا سيدتي الكاهنة ملفينا، استوضحي الهيكل المقدس عن بواعث هذه النبوءة الرهيبة.»
على أن ملفينا أفلتت من يدها مسرعة لتلحق موكب الراهبات من غير أن يبدو عليها استياء كأنها تعدها وعدا صامتا.
अज्ञात पृष्ठ
أما الملكة فكانت في شديد الاضطراب، وقد أمرت أن يخرج الجمع كله حالا. فجعلت النسوة يخرجن، ثم قالت الملكة للحاشية والوزيرات بصوت متهدج: إن الهيكل المقدس ينذر مملكة بنطس الظافرة بويل رهيب. ويلاه، أية جريمة فظيعة ارتكبت هنا فأغضبت الإلهين العظيمين أجكس وأرس.
فقالت أوجستينا سيدة القضاء: لعل في الخفاء يا مولاتي سعاية لتولية كيوبد إله الحب منصب الألوهية في بنطس إلى جانب الإلهين العظيمين.
فقالت الملكة بنزق: أبدا، لا يمكن أن تعيش يد تنصب تمثالا لكيوبد إله الحب في هيكل أجكس وأرس، بل تعيش اليد التي تحطم تمثالا لكيوبد.
فقالت أمازونيا رئيسة الحكومة: إن امتزاج الزيت بالماء لأيسر جدا من وقوف كيوبد وأجكس أو أرس في هيكل واحد.
فقالت أوجستينا سيدة القضاء: ألا يخشى أن يبنى في الخفاء هيكل لكيوبد ويعبد فيه سرا.
فصاحت الملكة بنزق: الويل لمن تدخل هذه البدعة إلى بنطس.
فقالت أوجستينا: إذن يجب أن تضاف إلى دستور الدولة مادة تقيد الحرية الدينية، وإلا فلا عقاب بلا قانون.
فقالت أمازونيا: هذا التقييد مفهوم من مضمون الدستور نفسه. - ماذا في الدستور يحرم عبادة كيوبد إله الحب؟
إن الأمة الأمازونية أخذت حريتها بالقوة لا بدلال الغرام؛ ولذلك شادت هيكلا لأجكس إله القوة؛ لأن أجكس يمنح القوة، وكيوبد إله الحب يبددها في ساحة العشق؛ ولذلك تحرم عبادته في بنطس.
فقالت فلومينا وهي مديرة الشرطة والأمن: ويحكن! إن الدماء التي أراقتها جداتنا في سبيل تحطيم نير العبودية للرجال ثمنا للحرية والاستقلال، أعاضنا عنها أجكس قوة ونشاطا، وظفرا في الحروب، فماذا يمنحنا كيوبد إذا بذلنا قوانا على مذبح عبادته؟
अज्ञात पृष्ठ
فقالت أمازونيا: لا يمنحنا إلا عبودية للرجال، وذلا في صحبتهم، وهوانا في مقارنتهم.
فقالت فلومينا سيدة الأمن: أجل، ما انتصرت أمة في حرب إلا بتأليه أجكس، وما انكسرت أمة في قتال إلا منذ ألهت كيوبد.
فقالت الملكة: أي وحق أرس، ما رمى كيوبد سهما على بطل إلا صرعه، وما رمى أجكس سهما على صعلوك إلا جعله بطلا، وعندنا الشاهد على ذلك أنطونيوس كليوبترا وأكتافيوس خصمه.
فقالت أوجستينا: لذلك أقول: يجب أن يكون في القانون صريحا في تحريم عبادة كيوبد.
فاستشاطت الملكة قائلة: من هي المرأة التي تجسر أن تقيم تمثالا لكيوبد في بيتها، أو تبني له هيكلا في بنطس.
فقالت فلومينا: هي المرأة الخائنة.
فقالت أمازونيا: هل في بنطس امرأة تجرأ على ارتكاب الخيانة العظمى؟
فقالت الملكة بصوت متهدج: كلا البتة، إن سيف النقمة مصلت فوق كل عنق يشرئب إلى هيكل كيوبد. إن هذا الهيكل في مملكة جاريجاريا لا في بنطس جارتها، وفي جاريجاريا فقط نقدس كيوبد ونعبده أسبوعا واحدا فقط لتجديد النسل. وأما في بنطس فلن يقام معبد لكيوبد لكي لا يبنى ضريح للحرية وينصب ضريح للاستقلال. هذا هو دستور الدولة الأمازونية الصريح، وكل امرأة في بنطس تعرف هذا القانون بالبديهة ولا تجرأ أن تخالفه.
فقالت أمازونيا رئيسة الوزارة: لعل بعض سيدات الدولة لم يعلمن حتى الآن أن العداء الذي نشأ أخيرا بين حكومتنا وملك جاريجاريا كان سببه أن ذلك الملك كان يحاول إدخال عبادة كيوبد إلى بنطس؛ لكي يمهد السبيل إلى تبادل الصلات بين القطرين، ولا يخفى عليكن ما في ذلك من خطر على استقلالنا، واحتمال وقوعنا تحت نير العبودية للرجال، كما كانت جدات جداتنا من زمان قبل التحرير. وما نطق الهيكل اليوم إلا نذير بهذا الخطر، فحذار من تسهيل السبيل لعبادة كيوبد، وتفشي الحب والغرام في قلوب الأمة.
فقالت الملكة: أجل، إن نطق الهيكل اليوم إنذار مروع يحتاج إلى درس وتفسير وإلى تقرير الخطة التي تتدارك ويلاته. فإلى ديوان الدولة حيث ينعقد المجلس الرسمي، يجب أن تكون الجلسة سرية. وحذار أن تتسرب كلمة من نطق الهيكل ونتيجة البحث فيه إلى الأمة لئلا تتضارب الأقاويل والأراجيف والتخرصات والإشاعات التي تحدث اضطرابا وقلقا، وقد تفضي إلى فوضى. فإلى ديوان الدولة أيتها السيدات.
अज्ञात पृष्ठ
وفيما هن يخرجن كانت فلومينا - ضابطة الأمن - تقول: إن ما تحاذرن قد حدث، فما خرجت الأمة من الهيكل إلا والنسوة يتقولن.
2
وما إن خرجت سيدات الدولة حتى ظهرت رئيسة الكاهنات في رحبة الهيكل، وإلى جانبها ملفينا الكاهنة المحبوبة عند الرئيسة، والتي تعتبر كأنها كاتبة سرها، وهي التي أمسكت بها آنفا أوجستينا، وطلبت منها الاستيضاح عن سبب إنذار الهيكل، وكانت ملفينا تقول: يظهر يا مولاتي أن بنطس المجيدة قد انغمست في حمأة الجرائم حتى كان نطق الهيكل اليوم مروعا.
فقالت الرئيسة بصوت أجش ضخم كعادتها: أجل، الويل لمملكة بنطس من عبادة كيوبد إله الحب؛ لأن أجكس إله القوة غيور لا يطيق شريكا له في ألوهيته، وأرس مستمد القوة منه في الحروب، فإذا سيطر كيوبد على بنطس غضب الإلهان واستردا قوتهما منا وذلت الدولة، ووقعت تحت نير العبودية للرجال من جميع القبائل، فالويل للفاجرات، الويل للمنغمسات في الشهوات. - ويحهن، وهل لكيوبد جرأة على أن يغزو مملكة بنطس وهي في حماية الإلهين العظيمين أجكس وأرس؟
إن كيوبد يسرح ويمرح الآن خلسة في بنطس، فالويل للأمازونيات إذا استوى كيوبد في هيكل، فلسوف يتبوأ عرش بنطس قمر يكسف الشمس. - وا ويلتاه، وا سوء المصير! - إن الهيكل لمنتقم شر نقمة، وستعلم اللواتي يرحبن بكيوبد أي منقلب ينقلبن. عليك يا ملفينا أن تراقبي الدار والأديار والأسواق والأسوار، فإني أحسب حسابا للغزاة السريين الأشرار.
3
وكانت أوجستينا كامنة في الهيكل تسمع الحديث، ولا تراها الرئيسة ولا ملفينا، فما إن خرجت الرئيسة حتى نادت همسا: ملفينا ملفينا ملفينا.
فارتدت ملفينا إلى الوراء متخلفة عن الرئيسة وقالت: ليس غير ما سمعت من فم الرئيسة. - أليس في وسعك تسقط الأخبار السرية عما حدث في بنطس مما أفضى إلى هذا النطق الرهيب؟ - ليس في وسعي اليوم، ولكن المفهوم أن النطق جرى بسبب أن الحب يلعب أدوارا سرية في بنطس مع أنه محرم على الأمازونيات كل التحريم إلا في جاريجاريا في أسبوع واحد فقط كما تعلمين، حيث تذهب الأمازونيات إلى هناك لعبادة كيوبد لتجديد النسل. - هذا معلوم، وقد مضى ذلك الأسبوع المقدس منذ شهر، فهل تظنين أن أحد العشاق قد تبع عشيقته سرا ولا يزال متخفيا في بنطس؟ أولا تعتقدين أن الحدود بين بنطس وجارجاريا فاصلة بالفعل بين ساحات الغرام وساحات الصيام؟ - بحسب شريعة الدولة يجب أن تكون الحدود خالية من مسارح الغرام.
فقالت أوجستينا مازحة هازلة: أي نعم، كما يخلو الجو من رطوبة الماء متى كانت الشمس ساطعة، حتى إذا غابت الشمس وانسدل الظلام تقاطرت
1
अज्ञात पृष्ठ
الرطوبة ندى على الأزاهر.
ولا يخفى على القارئ من سياق هذا الحديث أن الراهبة والوزيرة هما على رأي واحد؛ ولهذا يستلذان هذا الحديث ، ولهذا هما صديقتان تتساران بعض الأحيان. فقالت ملفينا مزكية قول وزيرة القضاء ضاحكة: ولذلك نرى الغرام دائم التقاطر هناك على أزاهر القلوب، أليست هذه طبيعة الحباحب - أي سراج الليل - لا ترى عشاقها في ضياء الشمس الباهر، بل في ضياء غرامها تحت جنح الظلام؟
فقالت أوجستينا مستطيبة هذا السجال الشعري: إذن حيث لا تقع أشعة الشمس تتلاقى قلوب العشاق تحت أشعة الغرام، فلماذا تلام؟
فقالت ملفينا جادة: إذا ضعفت أشعة شمس الدولة عند الحدود، فهل يضعف صوت الشريعة الزاجر؟ - بل قولي صوت الطبيعة الآمر. - إنما فارس الشريعة نشأ لكي يكبح جماح جواد الطبيعة، هذه حكمة الآلهة في صيانة قوى الأمة الأمازونية.
فقالت أوجستينا محتجة: حاشا للآلهة أن ترتكب حكمة هوجاء كهذه، إذ لا فائدة من القوى المحبوسة، أيبلغ الجواد إلى آخر شوطه وهو حبيس في إسطبله، لا بد من إطلاق قواه لبلوغ هدفه، والطريقة القويمة لتصريف القوي هي الحب.
فقالت ملفينا مناقشة: يجب أن يكون الحب تحت سلطة القانون؛ لأنه مسراف نزق متهور. - وتنازع الحياة يستلزم النزق والإسراف والتهور، فلا حياة بلا حب.
ويحك الحب عدو استقلالنا، لو اعتنقنا عقيدتك هذه لوقعت بنطس فريسة للأعداء.
فقالت أوجستينا هازئة مقهقهة: حبذا الأعداء! من هم الأعداء، أليس أقرب قبيلة لنا قبيلة جاريجاريا؟ وفيها آباؤنا وإخوتنا وبنونا، وقد ازدحمت بالذكور الذين نلدهم ونرسلهم إلى آبائهم، وقلت عندهم الإناث، وازدحمت بنطس بالإناث اللواتي نلدهن ونستبقيهن، فإذا غزانا أهل جاريجاريا كنا نحن مفترساتهم لا هم مفترسينا. - الويل لك، أتريدين أن نفترس أقرب الناس إلينا؟ - وما قولك إذا كانوا يغتبطون كل الاغتباط بهذا الافتراس؟
فقالت ملفينا متبالهة: يا لك من مماحكة! أيغتبطون في أن تكون بنطس معارك أبطال تتدقق فيها دماؤهم كالأنهار؟
فثارت أوجستينا مازحة: أي نعم، يغتبطون في أن تكون بنطس معارك غرام تتدفق قلوبها بدماء الحب.
अज्ञात पृष्ठ
وقالت ملفينا متمادية بالتباله، ومستلذة هذا النقاش: أوه، أهذه المعارك تعنين؟ - أي نعم، معارك الأحداق والمهج. - هذه معارك لا نستطيع نحن الانتصار فيها، ينتصر فيها الرجال، ونصبح لهم فيها إماء ورقيقات. - بل يكون النصر لنا حتما، يدخل رجال جاريجاريا إلى بنطس مغزوين لا غازين، ويكونون لنسائها غنائم لا غانمين. - إن تقاليدنا وتواريخ جداتنا تشهد ضد هذه الأماني التي تمنين النفس بها. فما اعتصبت جداتنا ضد الرجال إلا لكي يسحقن نير العبودية لهم، فهل تريدين أن نعود إلى ذلك النير الثقيل؟!
فقالت أوجستينا جادة: آسف أن للتقليد سلطانا على عقلك يا عزيزتي. عند الاختبار تجدين رجال هذا الزمن في معارك الغرام أسارى ونساءه آسرات. - وقينا من شر نظريتك يا سيدة القضاء. أما كانت معارك الغرام تحتدم في أزمان جداتنا القديمات؟ فلماذا كانت جداتنا أسيرات لا آسرات، ورقيقات لا سيدات.
فقالت أوجستينا جازمة: كلا لم تحدث معارك الغرام في زمن جداتنا؛ لأنهن كن أسيرات، وكان الرجال يتمتعون بهن بغير اقتناص كما يتمتعون بأكل الغنم والفراخ والحمام بلا اصطياد. جداتنا قمن بنصف المهمة التي كتبت في سفر تحرير المرأة، هن حررننا من العبودية للرجال، فبقي علينا أن نستعبد الرجال، ولا سلاح لاستعبادهم إلا سهام كيوبد.
فقالت ملفينا مضطربة: ويك أخاف أن كيوبد إله الحب يعيث غراما الآن في البلاد، ويريش سهاما إلى الأكباد إذا كانت سيدة القضاء تتمادى بهذه الفلسفة ... إلخ إني أحس بوقع سهم، فمن أية ناحية ريش هذا السهم إلى هنا؟ (ووضعت يدها على قلبها تتحسس).
فقالت أوجستينا: طبيعي أن يعيث كيوبد في بنطس ويريش السهام على الدوام؛ لأن الحب جوهر الطبيعة، فإذا عاث الجوهر في البلاد كان عيثه زهرا جميلا وثمرا يانعا. - ولكن الحب في شريعتنا جريمة يا سيدة القضاء والعدل، فكيف نتقي هذه الجريمة؟ - هو جريمة في شريعتنا، ولكنه فضيلة في سنة الطبيعة، ولا قبل لنا على مناهضة الطبيعة فيما هو فضيلة في شريعتنا. - ولكن الشريعة نشأت لمقاومة الطبيعة. - حقا ما تقولين. فلنر أيهما تغلب وتفوز أخيرا يا عزيزتي الكاهنة التقية النقية، بالطبع لا تقصي نقاشنا هذا على رئيستك الكاهنة العظمى، وإن كانت قد أوصتك أن ترقبي حوادث كيوبد في بنطس، أثق أنك لا تقصين عليها هذا الحديث لأنك شريكة فيه.
عند ذلك باغتهما وقع أقدام، فالتفتتا إلى حيث كان الوقع، فإذا رئيسة الكاهنات بادية وهي تقول بصوت جهوري: «في الغد يكمد القمر ويعتقل الحب، فارقبي القمر يا ملفينا.»
ثم توارت وملفينا أجفلت وقالت: ويحي لقد سمعت كل حديثنا، وسينزل الويل علينا. - لا تخافي، هل سجدت لكيوبد؟ إذن لم تعصي الشريعة، فلماذا تخافين؟ وأسرعت أوجستينا إلى القصر لكي تحضر مجلس الدولة.
الفصل الثاني
في دار الدولة في قصر الملكة
تركنا الملكة في الفصل الآنف تأمر بعقد مجلس الدولة في بهوها، وهو يحتوي على مقاعد من الخشب السنط مزخرف من الطراز اليوناني القديم، وفي وسطه منضدة من خشب مزخرفة، وقد جلست الملكة أمامه وجلست حوله سائر سيدات الدولة، ما عدا الوصيفات وحاشية الملكة طبعا.
अज्ञात पृष्ठ
وعلى أرض البهو أبسطة جميلة إغريقية الطراز، وفي الزوايا مناضد عليها تماثيل وأزاهر أمام التماثيل. وعلى الأبسطة فراء، وقسي وسهام، وخناجر وحراب ورماح معلقة في الجدران.
1
وقد افتتحت الملكة الجلسة بورع قائلة: إن إنذار الهيكل لرهيب يا سيدات.
فتلتها أمازونيا رئيسة الوزارة بالقول: لا بد أن في بنطس الآن جريمة سرية مدنسة قدسية شريعتها. فيجب تطهير البلاد منها، وإلا نزل الويل بالبلاد، وما الويل الذي يخشى منه إلا ضياع استقلالها ووقوعها تحت نير العبودية لدولة جارجاريا الطامعة فيها.
فقالت الملكة: طبعا، لا إنذار إلا تجاه جريمة، فالأمر الذي يجب تحقيقه هو الجريمة نفسها.
فقالت فلومينا مديرة الشرطة: طبيعة الجريمة ظاهرة يا مولاتي في نفس إنذار الهيكل، وهي «الويل إذا انتصر كيوبد إله الحب على أجكس إله القوة»، فالجريمة جريمة حب، وبأكثر وضوح هي جريمة اجتماع حبيبين في بنطس.
فقالت أوجستينا متفلسفة: كيف يكون الحب جريمة ونحن لولاه لما وجدنا.
ففسرت أمازونيا رئيسة الوزراء: ليس الحب جريمة إلا في بنطس، وأما في جارتنا جاريجاريا فلا.
فقالت أوجستينا متململة: لا أفهم كيف يكون ناموس طبيعي جريمة هنا وفضيلة هناك، أليست بنطس جزءا من الطبيعة؟ - أمرك غريب ... هل الطبيعة دستور بنطس؟ وهل سنت الشرائع إلى لمقاومة الطبيعة. - دستور بنطس لا يحرم الحب، لا يحرم إلا دخول الذكور إلى البلاد. - ويحرم الحب فيها أيضا؛ لأن إباحة الحب تتضمن إباحة دخول الرجال، ودخولهم خطر على الاستقلال الذي اشترته جداتنا بدمائهن.
فتدخلت الملكة بين أوجستينا وأمازونيا حسما للنزاع في سر الحب، وقالت: يجب أن نفسر نطق الهيكل كلمة كلمة لكي نحدد الجريمة التي اقتضت هذا الإنذار المروع.
अज्ञात पृष्ठ
فقالت فلومينا: التفسير واضح يا مولاتي، القمر الساطع رمز لشيء، فهل يمكن أن يكون رمزا إلا للرجل.
فقهقهت أوجستينا متهكمة وقالت: ألا يحتمل أن يكون رمزا لحمام أو لغزال، أو لتيس سيعبر الجسر.
فقالت فلومينا ساخرة: لا ريب أن ضياء عيني تيسك يخسف القمر. - ومن ذا يقول إن الظباء والحمام والتيوس لا تعشق. الحب كالدم جار في كل عرق من عروق الطبيعة.
فشق على الملكة التمادي بالجدال في موضوع الحب كأنه يحرك فيها شجونا وهو ما تريد تجنبه في هذا المقام، فقالت: يجب أن نبحث لماذا يغضب الإله إذا مر ذلك القمر الساطع على الجسر حين يكمد القمر، إذا كان المراد بالقمر الساطع رجلا، مع أن دخول أي رجل إلى بنطس في كل حال يعد جريمة.
فقالت فلومينا مستدركة: ولكن ليست كل جريمة تغضب الإله هذا الغضب المنذر بالويل والثبور. والظاهر من النطق الهيكلي أن الإله يغضب إذا اتفق مرور ذلك الرجل الجميل على الجسر حين اكمداد القمر، فيجب أن نبحث عن المراد باكمداد القمر.
فقالت أوجستينا متفلسفة: الأمر واضح، ليس تفسير اكمداد القمر بخسوفه أبعد عن العقل من تفسير القمر الساطع بالرجل الجميل. - ومروره على الجسر حينئذ نذير بدخوله إلى بنطس بجريمة الحب التي تغضب الإلهين.
فقالت الملكة مترددة: إذن عليك بالقبض على الرجل الذي عناه الإنذار قبل أن يمر على الجسر ساعة اكمداد القمر؛ أي خسوفه، وإذا مر قبل الخسوف أو بعده فلا ويل.
فقالت الوزيرة أمازونيا نازقة بصوت عال وهي تخبط المنضدة بيدها: يجب القبض عليه واعتقاله ومقاصته ورفيقته بالموت على كل حال، فاليوم رجل وغدا رجال، وبعد غد أقيال وأخيرا أمراء، وحينئذ على عرش الدولة يا رحمان يا رحيم، وللاستقلال نار الجحيم، ولكن للجميع العبودية.
وكانت الملكة تختلج عند سماع هذا الإنذار فقالت مضطربة: أجل، يجب قطع دابر الذكورة من بنطس وإلا وقعت الأمة الأمازونية تحت نير العبودية للرجال. على ملفينا القيمة على الأمن أن تتخذ التدابير الكافية للبحث عن أي ذكر في بنطس.
فقالت أمازونيا بحزم: ويجب أيضا مراقبة جسر ثرمودون حول ميعاد خسوف القمر واعتقال كل امرأة تمر عليه وتحري أمرها.
अज्ञात पृष्ठ
فقالت الملكة متلعثمة: وسأنزل العقاب الشديد بكل امرأة يثبت أن لها صلة برجل متخف في بنطس؛ لتكون عبرة لمن تجرأ على تدنيس شريعة الأمازونيات، إني حريصة على استقلالهن كحرصي على عرشي.
فهتفت المؤتمرات: تعيش الملكة، ثلاثا.
ثم قالت أوجستينا: إذن يجب أن نتحقق موعد خسوف القمر فقد يكون قريبا.
فقالت الملكة مؤمنة على كلام وزيرة العدل: على جريجوريا وزيرة الشئون الاجتماعية استدعاء المنجمة الآن لاستفتائها.
فخرجت جريجوريا لقضاء هذه المهمة واستمرت الملكة تقول: حذار أن تتسرب كلمة من هذا المجلس إلى الخارج لئلا تضج البلاد بالأقاويل والأراجيف التي يمكن أن تحدث شغبا. بقيت الفقرة الثانية من نطق الهيكل: «الويل ثم الويل إذا انتصر كيوبد على أجكس إله القوة حين يقترن القمران.»
فقالت فلومينا سيدة المحافظة على الأمن: الظاهر من هذا النص أن المراد بالقمرين القمران المذكوران في الفقرة الأولى: القمر الساطع والقمر المكمد.
فقهقهت أوجستينا وقالت متهكمة: أي نعم، اضبطي قمر الأرض الساطع لئلا يفر إلى قمر السماء المكمد ويقترن به.
فقالت الملكة متحققة أمرا يهمهما: ألا يحتمل يا سيدات أن يكون المراد باقتران القمرين مرور الرجل على الجسر مع حدوث الخسوف في وقت واحد؟
فقالت أوجستينا: عفو مولاتي، إذا كان هذا هو المراد، فالفقرة الثانية تكرار للأولى، ونطق الهيكل يجل عن التكرار الفضولي أو التوكيدي لأنه أكيد بلا توكيد.
فقالت أمازونيا رئيسة الوزارة باسمة: هذا كلام شخص حقوقي قانوني منطيقي. إذن فلا بد أن يكون المراد اقتران ذكر وأنثى في بنطس على كل حال.
अज्ञात पृष्ठ
فقالت فلومينا كأنها تتشفى: أجل الويل لهما، هذا تدنيس للشريعة، يجب أن يشاد هيكل حقير لكيوبد، ويحرق المجرمان على مذبحه لكي يختنق كيوبد بدخان ضحيته.
فقالت أوجستينا ساخرة: وحينئذ يجب أن تعيني حارسات تراقبن ذلك الهيكل ليلا وتحصين الأمازونيات اللواتي يدخلن إليه، ويسجدن لإله الحب. - واجعلي فوق باب الهيكل سيفا يسقط على كل عنق يشرئب إلى داخله. - حاذري أن يقع سيفك خطأ على عنقك يا عزيزتي. - سيفي لا يخطئ، لا يقع إلى على كل من تمد عنقها إلى هيكل الغرام.
فقالت الملكة متلملة من هذا الحديث كأنها هي المقصودة فيه: إذن فعليك يا فلومينا أن تستخرجي القرينين من مخبئهما، ولو كانا في أعماق الخفاء.
فعادت أوجستينا إلى لباب الموضوع وقالت: إذن يجب أن نفهم ماذا عنى الهيكل بالقمرين لكي نعلم إن كانا يصحان رمزا للعاشقين، ليس في السماء إلا قمر واحد، فما هو القمر الآخر؟
فقالت فلومينا: الجواب عند المنجمة، فمهلا قليلا فإن جريجوريا قد خرجت لاستدعاء المنجمة.
2
لم يمض وقت طويل حتى جاءت جريجوريا مصطحبة المنجمة، وانحنتا باحترام كلي لدى جلالة الملكة وسائر الوزيرات. وكان تحت إبط المنجمة درج من رق الغزال يشتمل على علوم الأفلاك والتنجيم، فأمرتها الملكة بالجلوس على مقربة منها، وسألتها: هل لك أيها العالمة أن تنبئينا متى يقع الخسوف القادم.
فحلت المنجمة الثوب الأطلسي عن الرق، ونثرت الدرج مسافة ذراعين منه، وجعلت تحملق فيه إلى أن قالت: «بحسب تقويم بطليموس سيد الفلكيين وأمير المنجمين، يقع الخسوف القادم في موعد تمام البدر القادم.»
فقالت أوجستينا: عمر القمر الآن عشر ليال ...
فقالت الملكة: إذن بعد 4 أيام يقع الخسوف.
अज्ञात पृष्ठ
فقالت المنجمة: من غير بد.
فسألت الملكة محققة: هل تعرفين في الفلك قمرا ثانيا؟ - كلا وحاشا يا مولاتي، لا تسمح الآلهة إلا بقمر واحد يقرر صنفا واحدا من الطوالع. - صنفا واحدا من الطوالع؟ أي صنف؟ - صنف الطوالع الغرامية يا مولاتي.
فاختلجت الملكة واختلجت معها جميع الوزيرات مرتبكات، وقالت الملكة: يا للعجب. هل للقمر تأثير في العشق؟ - القمر نفسه عاشق يا ذات البهاء. - يعشق من؟ - يعشق الشمس يا سيدتي، وهل يجد القمر في الفلك عشيقة أجمل من الشمس؟ - أمر غريب. كيف يعشق القمر الشمس؟ - أما رأيت يا ذات الذكاء الباهر القمر يقترن بالشمس حين كسوفها، ولا يفارقها إلا بعد عناق طويل يبثها فيه غرامه.
وكانت جميع الوزيرات مبهوتات من كلام المنجمة. فقالت أوجستينا: أعزك الله يا ذات العلم الواسع، إذن يعنى بانكساف الشمس اقترانها بالقمر، وإذا قيل اقتران القمرين فماذا يعنى؟
فقالت المنجمة محملقة مشرئبة العنق: من يقول هذا القول البديع؟ إنه لشعر ساحر. - لعل إلها قاله. لا أتذكر. - المجد لهذا الإله، إنه لتعبير بديع يراد به الشمس والقمر جميعا، لعل هيلاس إله الغناء والشعر قاله. - هل تعرفين في ميثولوجيا إحدى الأمم نصا على أن الشمس والقمر متعاشقان؟ - في ميثولوجيا غلاطيه أنهما عاشقان، وفي ميثولوجيا كبدوكيا أنهما أخوان، وفي ميثولوجيا قورنثيا أن الكوكبة أندروميديا ولدتهما وتركتهما فاقترنا، نعم أخوان اقترنا. - متى يحدث الكسوف التالي؟
وكانت المنجمة تحملق في درجها وتقول: «بحسب تقويم أستاذ التنجيم بطليموس، يقع الكسوف التالي يوم ميلاد القمر التالي.» - إذن بعد ... - بعد 18 يوما كاملة.
فقالت الملكة مضطربة تريد الخلاص من المنجمة: شكرا لك أيتها العالمة الجليلة، لك المكافأة اللائقة بعلمك جزاء إفاداتك. ونهضت المنجمة وانحنت باحترام كلي ثم خرجت.
3
حدث اضطراب شديد على أثر خروج المنجمة، وجعلت الوزيرات ينظرن بعضهن إلى بعض كأنهن يتساءلن إلى أن قالت فلومينا: يالله! أخوان يقترنان؟ أليس هذا شرا فظيعا؟
فقالت أوجستينا: هذا فظيع، ولكنه جائز في قورنثيا، دعينا من تطبيق الشرائع الآن. لقد انجلى فحوى نطق الهيكل جيدا الآن، وهو أن الويلين ينزلان على بنطس إذا اقترن الأخوان المتعاشقان حين كسوف الشمس، أجل إن اقتران الأخوين أعظم جريمة تزلزل بنطس.
अज्ञात पृष्ठ
وكانت الملكة مبهوتة تفكر فيما جرى من الحديث فقالت: ويحهما، أيقترنان في بنطس؟ - إن العاشقين يا مولاتي ليسا بعيدين عن هذه العاصمة.
فاستشاطت الملكة مختلجة واجفة وقالت متلعثمة: الويل ثم الويل لهما، سأجعلهما عبرة للأجيال القادمة.
فقالت جريجوريا كاتبة سر الملكة: يمكن حدوث هذا القران الفظيع خطأ يا مولاتي. - وهل يغتفر إلاهانا هذا الخطأ؟ إن دستورنا تدارك حدوث اقتران الأخوين خطأ؛ إذ حتم على كل امرأة أن لا تعرف إلا قرينا واحدا لها، فترسل إليه مولودها إذا كان ذكرا، وتحتفظ به إذا كان أنثى. وهكذا تستطيع أن تنذر بناتها من الاقتران ببنيه؛ لذلك يجب تدارك حدوث هذا الخطأ لئلا تنقض الويلات على بنطس. على فلورينا أن تجمع كل دهاء السماء والأرض لكي تعتقل ذينك العشيقين قبل حدوث الخسوف تداركا للويلات الرهيبة، وعل كل يمكن أيتها الوزيرات أن تفعل ما يجب عليها في اكتشاف هذه الجريمة الهائلة. لقد أعذر من أنذر، وسيكون الانتقام من اللواتي يحاولن بناء هيكل ليكوبد في بنطس انتقاما لا تطبيقه نفس بشرية. سلام عليكن.
وجعلن ينحنين أمام الملكة ويخرجن.
وفيما هي في صحن الدار همست ملفينا في إذن أوجستينا: ما قولك بعظة الملكة. فقالت أوجستينا: هل تستطيع أن تقول غير ما قالت؟
4
ارفض المجلس والملكة دخلت إلى جناح قصرها، وجلست على مقعدها تفكر فيما سمعت، وفيما جرى في الهيكل، وفي نبوءة الكاهنة الكبرى، وقد استوى الهم على نفسها، وجثم على صدرها كابوس الغم، ثم جعلت تحلل النبوءة بنفسها.
لقد انحصر تفسير نطق الهيكل في أمرين صريحين؛ الأول: مرور رجل على جسر ترمودون في حين خسوف القمر، وهذا أمر تداركه أسهل من السهل.
والثاني: اقتران الأخوين في حين كسوف الشمس، وهذا يمكن تداركه إذا نجحت فلومينا في اعتقال أحد الأخوين حين مروره على الجسر، ولكن من هما الأخوان، لا يمكن أن يكون أفريدوس أحدهما. وهب أن هذا الاقتران وقع في بنطس فأنا بريئة منه، والويل لا يقع في القصر.
ثم تقدمت نحو باب حجرة السر وفتحته ثم نادت أفروديت: أفروديت، أفريدوس، أفريدوس!
अज्ञात पृष्ठ
فجاءها من وراء الحجرة فتى في زي فتى روماني يتشح بوشاح عريض طويل أنيق، وإلى جانبه خنجر جميل صغير، وينحني باحترام وببشاشة ويقول: لبيك يا مليكة فؤادي.
وعانقته عناقا عنيفا ثم قالت: ما ألذ وأجمل أن أراك بزي الفتى الجميل والحبيب المعشوق يا أفريدوس. يا لقوة الجمال في هاتين الساعدين المفتولتين. قالت هذا وهي قابضة على ساعديه.
ويا لقوة السحر في هاتين المقلتين الوضاءتين! ويا لقوة الشعر في هاتين الشفتين العندميتين! ويا لقوة الضياء في هذا المحيا الساطع! أخاف أن تكون القمر الساطع، ويا لقوة البهاء في هاتين الوجنتين المتوردتين.
وكانت تلمس بأناملها جميع هذه المذكورات.
ثم أردفت: يا لقوة الشباب في هذا القد العادل.
وضمته إلى صدرها ثانية وقبلته قبلة النسيم للغصن.
ثم أفلتته، ولكنها لم تستطع أن تفلت من بين ذراعيه ولا شفتاها من شفتيه كأنه لا يرتوي ولا هي ارتوت.
وعادت تقول: أغتبط أيما اغتباط إذ أراك قمرا طالعا بزي الشاب النبيل. ولكن أشفق أن ينم عليك زيك في حين غفلة، فعد وتزيا بزي الوصيفة أفروديت لئلا تباغتك إحدى الوصيفات فيفتضح الأمر.
فقال أفريدوس: ولكني كما أمرت أتجنب الاختلاط بالوصيفات تحاميا للفضيحة.
هذا التجنب حتم على كل حال حتى في حال تنكرك؛ إذ لا يمتنع أن تصادفك إحداهن على حين غفلة، فعد والبس لباس أفروديت. - أخشى حسدهن لي لتمييزك إياي عليهن، يعرفنني وصيفة حديثة العهد في بلاطك باسم أفروديت. - لقد أوهمتهن أنك فتاة من سلالة تتصل بالأسرة المالكة ففقأت بهذا الإيهام عيون الحاسدات. - ولكن ما الذي طرأ حتى صرت ترغبين في اختلاطي بهن. - أشفق عليك من مللك في وحدتك في انتظاري، حين أكون مشغولة بمهام الدولة. - لا أشعر بملل الوحدة لأنني في غيابك أنظم الشعر لأبث فيه غرامي لك. - أما كفى ما في هذين اللحظين من السحر حتى تضم إليها سحر الشعر. إنك قاتلي بما في هذين الناظرين من السحر، ادخل الآن إلى خدرك وتنكر بزي الوصيفة، وهلم إلي.
अज्ञात पृष्ठ
فدخل إلى مخدعه، وهي بقيت تغازل نفسها، يا للهوى يا لشعلة الغرام في الفؤاد! كلما نفخها جبروت الملك لكي يطفئها صب عنفوان الشباب زيتا عليها ليزيدها ضراما ... ا ... آه ... طلبت السعادة في انتصارات الحروب فوجدتها لا تزيد على نبضة واحدة ضعيفة بين نبضات الغارات العنيفة في المعارك . توسلت إليها في مطاردات الصيد فما أصبت منها إلا علفة من قلب غزال تتخم معدة الجسد. وأما معدة النفس فبقيت جائعة، فتطلبت السعادة في سلطة الملك، فما وجدت إلا سلسلة مشاكل ومشاغل لا تنتهي. عبثا بحثت عن سعادة في أي ناحية من نواحي الحياة ... آه. فما وجدتها إلا في الحب، تبا لدستور بنطس الذي يجعل الحب جريمة، فكأنه يحرم الحياة. إذا قتل الحب، فماذا يبقى من هدف للحياة ... آه ... الحب. الحب الحب، هو إله الطبيعة الذي لا يجحد، هلم إلي يا كيوبد إله الحب، إني ملكة عبادك بل أنا خادمة هيكلك.
عند ذاك جفلها قرع على البار الخارجي. ففتحته وإذا أمها الشمطاء العمياء تبدو منه فقالت مبغوتة: ماذا دعاك إلى هذه المفاجأة يا أماه؟
فقالت أمها: صه، لا تدعي أفريدوس يأتي إلى هنا قبل أن أملي عليك نصيحتي. - نصيحتك؟ بأي شأن يا أماه؟ - بشأن المجلس الذي ارفض منذ برهة، فإن أذني العمياء مرهفتان - استوعبتا كل حوار جرى بينكن من وراء الباب. - كانت جلسة سرية يا أماه. - أتودين أن تكتم أسرارك عن أخلص الناس لك؟ عن أمك؟ عن والدتك الساهرة على سلامتك وسلامة عرشك؟
فقالت الملكة خافقة الفؤاد متلعثمة: أجل أنت أم، بل أنت الملكة الأولى، وستبقين الأم التي لا غنى عن نصائحها. - فاجأتك قبل أن ترسمي أية خطة بشأن أفريدوس، فماذا نويت أن تفعلي؟ - نويت أن أحتم عليه الاعتكاف في القصر لا يخرج منه كعادته للصيد إلى أن ينقضي موعد إنذار الهيكل. - أي سبب تنتحلين لهذا التحتيم؟ - لم أفكر بعد بتلفيق سبب له.
مهما لفقت من أسباب فلا يطمئن، وإذا اشتد قلقه أفضى إلى فضح سره، فما هو بالأبله لكي يطاوع طاعة عمياء، إن الاحتفاظ به هنا في القصر غير مأمون العاقبة. - إن تنكره متقن جدا يا أماه، فهو يحلق عارضيه وشاربيه كل يوم مرتين، وإلى الآن لم يكتشف أحد سره.
منذ اليوم ستكون العيون محملقة جدا يا بنتي. - لا يتسنى لأحد أن يتدخل بشئون قصري. - لا تدرين ماذا تكون عاقبة التدقيق في التحقيق الذي قررتنه، فإذا وقعت الشبهة على أفروديت تتبعت الجاسوسات أفريدوس إلى أعماق قصرك.
فقالت الملكة مضطربة: ورأيك الحكيم يا أماه. - رأيي أن يخرج أفريدوس حالا من القصر بأية حجة من غير أن يرتاب بسبب، دعيه يسبقك إلى قصر الصيد على الحدود حيث ابتدأ تعارفكما، حتى متى صار هناك توعزين إليه أن يتريث موعودا بأن تستدعيه بعد حين إذا لم تلحقي به. - أماه، ويلاه، لا أطيق فراقه يوما واحدا. - أشعر بحسرتك، فقد نكبت بها في شبابي أحيانا، ولكن أتطيقين ضياع عرشك إذن؟ - ويحي، كلاهما متعادلان في الميزان. - وكليهما تخسرين. - يمكن أن يسلما كلاهما إذا منحتني دهاءك.
تحتاجين إلى دهاء عظيم يا بنتي؛ لأني أحس أن مكيدة هائلة مدبرة ضدك، فحاذري. - ويحي، أي مكيدة تحسين؟
عجبا، ألا تشعرين أن نطق الهيكل مبني على تسرب أسرار القصر إليه؛ لأن جواسيس الهيكل يجسن أعماق الزوايا والكهوف، ولعل رئيسة الكاهنات علمت بأمر أفريدوس فنطقت بنبوءة الهيكل بناء على هذا العلم.
فقالت الملكة متفجعة: ويلاه. إذن. دبري تدبيرا ينقذني من هذه المكيدة الهائلة يا أماه من غير أن يفقدني التدبير أفريدوس. هو قمري الذي لا أحتمل غيابه يوما واحدا. - العروش يا بنتي، لا تثبت على أساس العواطف الرملي، يجب أن تكون لك إرادة أصلب من الجلمد، يجب أن تقصي أفريدوس عنك إلى آخر الشهر؛ أي إلى ما بعد حدوث الخسوف والكسوف، وثم نرى ماذا يكون بعد إخفاق نبوءة الهيكل.
अज्ञात पृष्ठ