दवला उथ्मानिया
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
शैलियों
فإذا جاز اليوم للمؤرخ أن يتأنى في تدوين الوقائع؛ ريثما يستجمع مادته، وتمر فترة تسكن في خلالها ثورات الفكرة المضطربة؛ فإنه يجب على كل ذي بضاعة من العثمانيين أن يزجيها لديهم على عجل، فإنما الفلاح بالتعاون والتضامن، وخير البر عاجله.
وإننا، وإن لم نكن من أبناء السياسات، فإن علينا فرضا يترتب قضاؤه وهذه دلونا بين الدلاء، ولقد رأينا أن نجمع على هذه الصفحات بعض ما وعته الذاكرة فيما مضى بالنظر إلى الدستور العثماني، وما يتراءى لنا من نتائجه المقبلة، وما ينال العثمانيين من رغد العيش بخفوق أعلام الحرية فوق رءوسهم، وفك عقال العقل والفكر واللسان، وإطلاق عنان التجارة والصناعة، وتمهيد سبل الزراعة واستخراج ثروة البلاد الدفينة تحت التراب والمنبوذة على رءوس الجبال، وما ينجم عنه من إصلاح جباية الأموال ومالية البلاد.
هذا ما توخينا بسطه الآن لإخواننا العثمانيين، ولسوف يرى العالم - بعون الله - أنهم إذا صانوا دستورهم - ولا نخالهم إلا صائنيه - سيكون لدولتهم شأن تنقلب بوجهه سياسة العالم.
الدستور القديم
توفي السلطان سليمان الثاني القانوني سنة 1566 عن ملك ضخم لم يكد يجتمع لأحد من قبله ولا من بعده، وغادر الدولة العثمانية في إبان مجدها وأوج عظمتها، فلم يحسن خلفاؤه تعقب خطواته، وتألبت عليها القوى الخارجية، وتناوبت فيها الفتن الداخلية؛ فأصابها ما يصيب كل دولة بلغت هذا الشأو العظيم، فتناثر ما تناثر من لآلئ ذلك العقد النظيم. وتولى السلطان سليم الثالث سنة 1789 والبلاد في اختلال، والأحكام في تراخ، والانكشارية مستبدون بالسلاطين يولون ويخلعون ويقتلون، والبلاد في فوضى كادت تمزق شملها؛ فهاجه حب الإصلاح وصرح بميله إلى ترتيب الجند على النمط الحديث، فبطشوا به، فمات والإصلاح في مهده.
على أن تلك الفكرة لم تمت، فتلقاها السلطان محمود، وعمد إلى الإصلاح من وجهتيه الملكية والعسكرية؛ فبدد جند الانكشارية وأحل محلهم جيشا منظما، وأخذ يبعث بمنشورات الإصلاح إلى الولاة والحكام، ولكنه توفي ولم يستتم من فروع الإصلاح إلا تنظيم الجند تنظيما غير تام.
وكانت روح الإصلاح قد انتشرت بين فئة من رجال الدولة؛ فأقاموا يبثونها على عهد خلفيه السلطان عبد المجيد والسلطان عبد العزيز، وأعظمهم شأنا وأطولهم يدا رشيد وعالي وفؤاد.
وما كاد يجلس السلطان عبد المجيد على سرير السلطنة حتى أذاع خط الكلخانه المشهور سنة 1839/في 26 شعبان سنة 1255ه، فكانت له ضجة اهتزت لها أوروبا.
وأخذ رجال الدولة في ذلك الحين ينظمون القوانين الخاصة لكل فرع من فروع الإدارة والقضاء.
وكان أعظم تلك الأعمال شأنا مجلة الأحكام العدلية؛ لأنه غير خاف أن جميع الأحكام كانت تجري على مقتضى القواعد الشرعية.
अज्ञात पृष्ठ