दवला उथ्मानिया
الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده
शैलियों
كلمة في سائر موارد الثروة
المعادن
لم تلتفت الحكومة العثمانية في زمن من الأزمان إلى تحري المعادن الموجودة في بلاد السلطنة بعناية تضمن استخراج تلك الكنوز الدفينة، ولكن كل الظواهر البادية من تشعب المناطق والتربة فيها وبحث السياح وطلاب الثروة بطريق الامتيازات واهتمام بعض الولاة وتقارير قناصل الدول تؤدي إلى الاعتقاد بوجود معادن كثيرة مختلفة الأنواع عظيمة الشأن. مما ظهرت آثاره ومما لم تظهر.
فالفحم الحجري وهو من أعظم أركان الثروة موجود في قسمي أوروبا وآسيا مما بذلت بعض الهمة في استخراجه كمعادن هركلي، ومما لا يزال مهملا كمناجم مندلي في ولاية بغداد. ومعادن الكروم والرصاص الفضي تستخرج بقلة من الولايات الأوروبية، ومثلها معادن الحمر في الأراضي السنية بسوريا والنحاس في أرغني بولاية ديار بكر، وفي مواضع كثيرة معادن ظاهرة، وتوشك أن تكون مهملة كل الإهمال، ومنها الذهب والفضة والأنتيمون والزرنيخ والسنباذج والزئبق والمنغنيس والحديد والقار الحجري والسائل والكبريت والبورق ومقالع الرخام على اختلاف أنواعه.
وليس ببعيد أن يكون فيها منابع بترول غزيرة. فقد شرع منذ نحو خمس وعشرين سنة باستخراجه من ضواحي الإسكندرونة ثم أهمل لأسباب غامضة، وأما في ولاية بغداد فوجوده محقق؛ إذ يستعمله أهالي مندلي وجوارها بحالته الطبيعية بلا تصفية، وقد كان مدحت باشا اهتم باستخراجه على الطرق الحديثة، فأنفق مبالغ طائلة على بناء معمل في بعقوبة استجلب له الآلات والمهندسين، وطالما بدت بوارق النجاح غادر مدحت الولاية فأقفل المعمل ولعبت به أيدي الدمار، وأما المياه المعدنية بجميع أنواعها الحارة والباردة فهي متفجرة في مواضع كثيرة لا يكاد يلتفت إليها مع ثبوت مضاهاتها لأحسن الأنواع من أمثالها في أوروبا، وهي كثيرة بعضها في أوروبا كمياه بورصة، وبعضها في آسيا كمياه وادي العمق بولاية حلب.
ومن الغريب أن مياه الحمة في فلسطين، التي كان يقصدها عظماء أوروبا للاستشفاء، وأنشأ فيها قياصرة الرومان حمامات تدل آثارها على عظمة لا مثيل لها في أشباهها بأوروبا، باتت مهملة لا ينتابها إلا القليلون من أبناء الجوار ممن لا يطيق الانتقال إلى أوروبا.
وأما الملاحات البرية والبحرية فكثيرة جدا، وبعضها يستخرج منه الملح بهمة وعناية فينتج دخلا غير قليل، ولا عجب بتلك العناية الخاصة فإدارة الديون العمومية هي الرقيبة عليها الحافظة لدخلها.
وفي الدستور القديم قانون واف للمعادن ضامن لحقوق الدولة والأفراد، ولكن الاستبداد كان يعبث به عبثه في غيره؛ فقد شاهدنا غير مرة باحثا مجتهدا أو مكتشفا خبيرا عثر على منجم فأنفق المال في البحث والامتحان وطلب الرخصة الرسمية باستخراجه وأجريت المعاملات المعتادة، وإذا بالإرادة السنية صدرت بإعطائه هبة أو لقاء بدل طفيف لأحد المقربين.
وأما الغابات والحراج، فقد كانت كثيرة جدا ومن أنواع شتى باد معظمها بالإهمال، ومع ذلك فالباقي منها كثير كحراج قسطموني وكليكيا في الأناضول، وغيرهما مما لا يفوقه شيء من أمثاله في بلاد أوروبا.
ولا شك أن الحكومة الدستورية ناظرة إلى جميع فروع هذه الثروة الدفينة والمبددة، وحريصة على لم شعثها وادخارها.
अज्ञात पृष्ठ