تحت عنوان: "فصوص الفصول وعقود العقول"، وهو كتاب لا يزال مخطوطًا في المكتبة الأهلية بباريس.
هذه الصداقة أوحت بعدة قصائد مدح فيها شاعرنا صديقه وفضله، وهي تبين لنا أن أثر القاضي الفاضل كان عظيمًا في توجيه ابن سناء الملك، وتكوين أسلوبه الأدبي الخاضع للمدرسة اللفظية التي كان القاضي الفاضل زعيمها حينذاك.
لا ندري إذا كان شاعرنا قد تمكن من الاتصال بالسلطان صلاح الدين الأيوبي، إلا أن حبه لمؤسس الدولة الأيوبية كان كبيرًا يظهر في المدائح الرنانة التي وجهها إلى حامي الإسلام، وقاهر الصليبين. وأنت ترى خلال هذه المدائح نفسًا عربية مخلصة تجيش بالإبكار والإعظام والإجلال، نحو الرجل الذي صان الديار الإسلامية، وفرض احترامها على من حاول العبث بها، وطهر بيت المقدس من المغيرين على أرضه، فيهجر الشاعر الصنعة والتكلف عفوًا؛ ليترك العاطفة تتحدث وترتفع نشوى في أجواء النصر والمجد.
ولقد قضى شاعرنا أكثر أيامه في القاهرة، المدينة التي أحبها، وتغنى بمجالسها الناعمة. وكانت حياته -كما يقول لنا ابن خلكان- مملوءة بالهناء، تتفيأ ظلال النعيم والرخاء. وكان يجتمع، في هذا الجو الحضري الملموء شعرًا ولذة وطربًا، إلى جماعة من الشعراء؛ فتجري بينهم المحاورات والمسامرات التي يروق سماعها. وعندما مر الشاعر الدمشقي ابن عنين١ بالقاهرة، في طريقه إلى سورية، طربت هذه المحافل لمقدمة، وقد بقي فيها زمنًا قبل أن يتمكن من العودة إلى دمشق يجتمع إلى إخوانه الشعراء، ولا سيما إلى ابن سناء الملك، فتجري بينهم من المناظرات والمسامرات ما سطرت عنهم. وهكذا ما زال ابن سناء الملك يعب نعيم
_________
١ ولد سنة ٥٤٩هـ/ ١١٥٤م توفي ٦٣٠هـ/ ١٢٣٢م وله ديوان نشره بدمشق خليل مردم بك.
1 / 11