159

दार क़ौल क़बीह

درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

अन्वेषक

أيمن محمود شحادة

प्रकाशक

الدار العربية للموسوعات بيروت

संस्करण संख्या

الأولى

शैलियों

قوله، "ولو كان الأمرُ كما قاله المخطئون، لما كان إِليهم أن يَتَقدموا ولا يتأخروا". قلنا: لما كان إِليهم كسبًا، أو خَلقًا؟ الأوّل ممنوعٌ؛ والثاني مُسلمٌ. فإِنّ العبد إِنما يَفعَل التَقدُّم والتأخر وغيرهما عند خَلقِ داعي ذلك فيه؛ وعند ذلك يجِب الفعلُ، كما حُكي عن أبي الحسين. ولا يُعنى بالخلق إِلاّ هذا. فهو خلقٌ للفعل بواسطة الداعي. قوله، "ولا كان لمتقدّمٍ حمدٌ فيما عَمِل، ولا على متأخرٍ ذم". قلنا: حمدُ المتقدِّمِ فَضلٌ مِن اللهِ؛ إِذ هو وتَقدُّمه وسائر أكسابِه مُلكٌ له، كما سبق. وإِنما تَفَضل عليه بالحمد والثواب تَفَضُّلًا محضًا، لا يَستحِقّ على الله من ذلك حبّةَ خردلٍ، كما سبق. وأمّا ذمُّه وعقابه، فهو عدلٌ من الله. وجُعِل كسبُه للمعاصي أمارةً عليه؛ والله الخالق لها، كما قُرِّر غيرَ موضعٍ. قوله، "ولقال: "جزاءً بما عَمِلَ بهم"، ولم يَقُل: "بما عَمِلوا"، أو "بما كَسبوا" قلنا: أفتراه قَط قال: "جزاءً بما خَلَقوا"؟ ولو كانوا خالقين، لكانت هذه العبارةُ آكَدَ عليهم في الحجّة. وإِنما لم يَقُل: "بما عَمِلَ بهم"؛ لأنّه سبحانه إِنما جَعَلَ الأمارةَ على جزائهم كسبَهم، لا خلقَه؛ لأنّه يخاطِبهم من جهة تصرُّفه الأمريّ، لا مِن جهة تَصرُّفه الكونيّ؛ وقد سبق تقريرهما. قوله، "وقال تعالى: ﴿ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها﴾؛ أي بَيَّن لها ما تأتي وما تَذَر". قلنا: "لا نُسَلِّم أنّ المراد "بألهَمَها": بَيَّم لها. وإِنما هذا قول قَتادة؛ قال: "قد بيَّن لها الفجورَ والتقوى". وخالَفه الضحّاكُ، فقال: "ألهمها الطاعةَ والمعصيةَ"؛ فحَمَل اللفظ على أصله. وإنما لاالإلهام أن يُلقِي اللهُ في النفس أمرًا يَبعثها على الفعل

1 / 225