दार क़ौल क़बीह
درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح
अन्वेषक
أيمن محمود شحادة
प्रकाशक
الدار العربية للموسوعات بيروت
संस्करण संख्या
الأولى
शैलियों
وهو نصٌّ صريحٌ في المسألة. وتكلُّفات المعتزلة في تأويله باللطف له، أو بتَسميته "حقًا"، لا "هباءً منثورٍا"، غير مسموعٍ.
ولَمَّا أَخبَر النبيّ ﵇ أصحابَه بتقدير المقادير قَبلَ الخلقِ، قالوا: "فعلى ما نَعمَل، يا رسول الله؟ " قال: "اعملَوا على مواقع القدر". وهو معنى قوله، "اعملَوا ما قدَّرتُ عليكم، ومعنى الحديث أن، ّ كلّ مَن قُدِّرَ عليه شيءٌ في سابق عِلمِ اللهِ سبحانه، لابدّ أن يَقَعَ عليه.
وها هنا فائدةٌ جليلةٌ وتقريرٌ حَسَنٌ لمَنْ تدَبر. وهو أنّ الله سبحانه علاّم الغيوبِ، ما كان منها، وما يكون، لا يَعزُب عن عِلمِه مثقالُ ذرّةٍ في السماوات ولا في الأرض، كما أَخبَر عن نفسه سبحانه، وأنّه عَلِمَ مثقالُ ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض، كما أَخَبر عن نفسه سبحانه، وأنّه عَلِمَ الأشياءَ، جُزئيَّها وكلَّيها، فى الأزل. سَلَّمَت المعتزلةُ، أو جمهورُهم، ذلك [و] مَن مَنَعَه منهم، فالدليل بالمرصاد. والسبب في أنّ الله سبحانه عَلِمَ الأشياءَ، جُزئيَّها وكلّيها، في الأزل. سَلَّمَت المعتزلةُ، أو جمهورُهم، ذلك [و] مَن مَنعَه منهم، فالدليل بالمرصاد. والسبب في أنّ الله سبحانه عَلِمَ الغيبَ قَبلَ كونِه، وإِن تَطَاوَلَ زمنُه، هو [أنّ] الله سبحانه تامّ القدرةِ، نافذ المشيئة، لا مُغالِب له، ولا مُعاجِز، ولا مُعانِد له فى مُلكِه، ولا مُناجِز، لا مانع له عمّا أَراده، ولا دافعِ؛ وليس لمَنْ أَذَلّ وخَفَضَ مُعز ولا رافعٌ. وكل من قَدر في نفسه فعلًا في زمانٍ أو مكانٍ، وهو قادرٌ على ذلك الفِعل في زمنه ومكانه، لا صادَّ ولا دافع له عنه، عُلِمَ وقوعُه لذلك بالضرورة؛ لأنّه عازمٌ على إِيقاعه حالًا، ولا مانع له منه مآلًا.
وبيان ذلك بالمثال. وهو أنّ الله سبحانه قَدَّر في الأزل أنّه على رأس سنةِ كذا وكذا مِن إِهباط آدم، يَبعَثُ اللهُ نبيًا له يُسمي "نوحًا" إِلى قومٍ يُكَذِّبونه، ويجري له معهم ما قد عُلِم مِن تفاصيل قصتهم، ثمّ يغرقهم؛ وعلى رأس سنة كذا وكذا من طوفان نوحٍ، يَبعّثُ نبيًا له يقال له "إِبراهيم" إِلى جبّارٍ يُسمَّى "نمرود" يُكَذِّبه، ويجري له معه ما عُرِف من تفاصيل القصّة؛ وعلى رأس سنة كذا وكذا من بِعثة إِبراهيم، يُرسِا اللهُ نبيًّا له اسمه "موسى" إِلى جبّارٍ يُسمَّى "فرعون" أو "الوليد"، فيدعوه إِلى الإِيمان، فيكاد أن يُؤمِن، ثمّ يَستمرّ على الكفر، فيُغرقه الله وقومَه في البحر. وكذا الكلام في سائر الوقائع، صغارها وكبارها. فلمّا قَدَّر اللهُ سبحانه ذلك في الأزل، وعَلِم أنّه قادرٌ على إِيقاع ذلك في وقته المقدَّر له في عِلمِه، كان لا جرم عالمًا بتلك الغيوب.
1 / 223