فقال البارون: إن دي مونسورو لم يفعل ما فعل إلا خوفا من غضب الدوق، ولا أرى الكونت إلا مصيبا في خوفه مثل هذا الخوف أيضا.
فرشقت ديانا الكونت دي باسي بنظرة ملؤها الحنان والاستعطاف، كأنها تقول له: أنت ... أيها البطل الشهير ، يخلق بك أن تخاف الدوق كما خافه مونسورو!
ففهم الكونت معنى هذه اللحظة الناطقة، فتبسم ثم نظر إلى البارون فقال: أرجو مولاي البارون أن يسأل ابنته إذا كانت راضية عن هذا الزواج الذي صادقت عليه؟
فتأوهت ديانا تأوها طويلا دل على شدة شقائها، وكان خير جواب.
فقال باسي: والآن يا سيدي البارون، ألست أنت الذي أمرت ابنتك أن تقترن بالبارون؟ - نعم، بشرط أن ينقذها، وإذ قد أنقذها ووفى بوعده كشريف؛ فقد وجب علي أيضا أن أفي بعهودي وأسلك مسلك الأشراف، فهي إذا له وهو لها، ولا سبيل إلى الإخلاف.
فتنهدت ديانا وقالت: أواه! يا ليتني مت قبل هذا!
أما باسي فإنه نظر إلى ديانا نظرة حزن وجزع وقال: أرأيت يا سيدتي، إني كنت مصيبا حين قلت بأنه لم يبق علي غير أن أستأذن بالانصراف؛ لأن أباك يحب الوفاء بما وعد.
ودنت ديانا من باسي وقالت: لا تطعن قلبي أيها الكونت الطعنة الأخيرة، فإن أبي لا يعلم بعد أني أخاف هذا الرجل وأكره هذا الزوج، وأنظر إليه كما ينظر المحكوم عليه بالقتل إلى الجلاد ...
فقال البارون: ولكنه أنقذك يا ديانا مما هو أشد من الموت، وعرض نفسه لأشد الأخطار كي ينقذ شرفك من العار، فما هذا الكره الشديد؟ وما علة هذه الشكوى؟
فقال باسي: نعم، إنه أنقذها أيها البارون من يد رجل أثيم، لكنه لم ينقذها صيانة للشرف، بل هو قد سلك في ذلك سبيل المآرب الذاتية، ولا أحد يعلم ما هي غايته؛ لأن كل أعماله خفية مغلقة، ولا يبعد أن يكون وراء هذا الحجاب سر هائل ستكشفه لنا الأيام، غير أني أقول بأني لو كنت في مكان مونسورو وأنقذت ابنتك كما أنقذها، لما طلبت تعويضا عن هذه الخدمة التي يقبح فيها كل عوض. - ولكن فاتك أيها الكونت أنه يحبها، وذنوب الحب قريبة منال الغفران.
अज्ञात पृष्ठ