أغنية الجمال
أنا دليل الحب، أنا خمرة النفس، أنا مأكل القلب، أنا وردة أفتح قلبي عند فتوة النهار، فتأخذني الصبية وتقلبني وتضعني على صدرها، أنا بيت السعادة، أنا مصدر الفرح، أنا مبدأ الراحة، أنا ابتسامة لطيفة على شفتي غادة، يراني الشاب فينسى أتعابه، وتصير حياته مسرح أحلام لذيذة، أنا موحي الشعراء وهادي المصورين ومعلم الموسيقيين، أنا نظرة في عين طفل تراها الأم الحنونة فتسجد وتصلي وتمجد الله، تجليت لآدم بجسم حواء فاستعبدته، وظهرت لسليمان في قد حبيبته فصيرته حكيما وشاعرا، ابتسمت لهيلانة فخربت تروادة، وتوجت كليوباترا فعم الأنس في وادي النيل، أنا كالدهر أبني اليوم وأهدم غدا، أنا الله أحيي وأميت، أنا أرق من تنهدة زهرة البنفسج، أنا أشد من العاصفة، أنا حقيقة يا أيها الناس، أنا حقيقة وهذا خير ما تعلمونه.
أغنية السعادة
الإنسان حبيبي وأنا حبيبته، أشتاق إليه ويهيم بي، ولكن أواه! لي في محبته شريكة تشقيني وتعذبه، وضرة طاغية تدعى المادة تتبعنا حيث نذهب، وتفرقنا كالرقيب، أطلب حبيبي في البرية تحت الأشجار وبقرب البحيرات فلا أجده؛ لأن المادة قد غرته وذهبت به إلى المدينة إلى الاجتماع والفساد والشقاء، أطلبه في معاهد المعرفة وفي هياكل الحكمة فلا أجده؛ لأن المادة ... تلك التي ترتدي التراب قد قادته إلى معاقل الأنانية حيث يقطن الانهماك، أطلبه في حقل القناعة فلا أجده؛ لأن عودتي قد قيدته في مغائر الطمع والشراهة، أناديه عند الفجر عندما يبتسم المشرق فلا يسمعني؛ لأن كرى الاستمساك قد أثقل عينيه، أداعبه في المساء إذ تسود السكينة وتنام الأزهار فلا يحفل بي؛ لأن انشغافه بمآتي الغد يشغل ضميره، حبيبي يحبني، يطلبني في أعماله، وهو لن يجدني إلا في أعمال الله، يروم وصالي في صرح المجد الذي بناه على جماجم الضعفاء وبين الذهب والفضة، وأنا لا أوافيه إلا في بيت البساطة الذي بنته الآلهة على ضفة جدول العواطف، يريد تقبيلي أمام الطغاة والقتلة، وأنا لا أدعه يلثم ثغري إلا في الوحدة بين أزهار الطهر، يبتغي الحيلة وسيطا بيننا ولا أطلب وسيطا إلى العمل المنزه، العمل الجميل، قد تعلم حبيبي الصراخ والضجيج من عدوتي المادة، وأنا سوف أعلمه أن يذرف دمعة استعطاف من عين نفسه، ويتنهد تنهدة استكفاء، حبيبي لي وأنا له.
أنشودة الزهرة
أنا كلمة تقولها الطبيعة ثم تستردها وتخفيها طي قلبها ثم تقولها، أنا نجم هبط من الخيمة الزرقاء على بساط أخضر، أنا ابنة العناصر التي حبل بها الشتاء وتمخض بها الربيع ورباها الصيف ونومها الخريف، أنا هدية المحبين، أنا إكليل العرس، أنا آخر عطية من حي إلى ميت، عند الصباح أتعاون والنسيم على إعلان مجيء النور، وفي المساء أشترك مع الطيور بوادعة، أتمايل في السهول فأزينها، وأتنفس في الهواء فأعطره، أضم الكرى فترمقني عيون الليل العديدة، وأطلب اليقظة لأحدق بعين النهار الوحيدة، أنا أشرب خمرة الندى، وأسمع أغاني الشحارير، وأرقص على تصفيق الأعشاب، أنا أنظر إلى العلو دائما كي أرى النور ولا أرى خيالي، وهذه حكمة لم يتعلمها الإنسان بعد.
نشيد الإنسان
وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون (القرآن الشريف)
أنا كنت منذ الأزل، وهأنذا، وسأكون إلى آخر الدهر وليس لكياني انقضاء، سبحت في فضاء اللانهاية وطرت في عالم الخيال واقتربت من دائرة النور الأعلى، وها أنا الآن سجين المادة، سمعت تعاليم كنفوشيوس وأصغيت لحكمة برهما وجلست بقرب بوذا تحت شجرة المعرفة، وها أنا الآن أغالب الجهل والجحود، كنت على الطور إذ تجلى «يهوه» لموسى، وفي عبر الأردن فرأيت معجزات الناصري، وفي المدينة فسمعت أقوال رسول العرب، وها أنا الآن أسير الحيرة، شاهدت قوات بابل ومجد مصر وعظمة اليونان، ولم أزل أرى الضعف والذل والصغر بادية في جميع تلك الأعمال، جالست سحرة عين دور وكهنة أشور وأنبياء فلسطين وما برحت أنشد الحقيقة، حفظت الحكمة التي نزلت على الهند، واستظهرت الشعر المنبثق من قلوب سكان جزيرة العرب، ووعيت الموسيقى المتجسمة من عواطف أهل المغرب، وما زلت أعمى لا أرى، وأصم لا أسمع، احتملت قساوة الفاتحين الطامعين، وقاسيت ظلم الحكام المستبدين، وعبودية الأقوياء الباغين، وما برحت ذا قوة أكافح بها الأيام، شاهدت وسمعت كل ذلك وأنا طفل، ولسوف أشاهد وأسمع أعمال الشبيبة ومآتيها، ولسوف أشيخ وأبلغ الكمال وأرجع إلى الله، أنا كنت منذ الأزل، وهأنذا، وسأكون إلى آخر الدهر وليس لكياني انقضاء.
صوت الشاعر
अज्ञात पृष्ठ