الشعر يا قوم روح مقدسة متجسمة من ابتسامة تحيي القلب أو تنهدة تسرق من العين مدامعها، أشباح مسكنها النفس وغذاؤها القلب ومشربها العواطف، وإن جاء الشعر على غير هذه الصور فهو كمسيح كذاب نبذه أوقى.
فيا إلهة الشعر - يا إدانو - اغتفري ذنوب الألى يقتربون منك بثرثرة كلامهم، ولا يعبدونك بشرف أنفسهم وتخيلات أفكارهم.
ويا أرواح الشعراء الناظرة إلينا من أعالي عالم الخلود، ليس لنا عذر لتقدمنا من مذابح زينتموها بلآلئ أفكاركم وجواهر أنفسكم، سوى أن عصرنا هذا قد كثرت فيه قلقلة الحديد وضجيج المعامل، فجاء شعرنا ثقيلا ضخما كالقطارات، ومزعجا كصفير البخار.
وأنتم أيها الشعراء الحقيقيون سامحونا، فنحن من العالم الجديد نركض وراء الماديات، فالشعر عندنا صار مادة تتناقلها الأيدي ولا تدري بها النفوس.
تحت الشمس
«رأيت كل الأعمال التي عملت تحت الشمس، فإذا الكل باطل وقبض الريح» (الجامعة)
يا روح سليمان السابحة في فضاء عالم الأرواح، يا من خلعت ثوب المادة الذي نحن نرتديه الآن، لقد تركت وراءك هذا الكلام المنبثق من الضعف والقنوط، فولد ضعفا وقنوطا في سرى الأجسام.
أنت تعلمين الآن أن في هذه الحياة معنى لا يخفيه الموت، ولكن أنى للبشر تلك المعرفة التي لا تدرك إلا بعد انعتاق النفس من ربقة التراب؟
أنت تعلمين الآن أن الحياة ليست كقبض الريح، وأن ليس تحت الشمس شيء باطل، بل كل شيء كان وسيبقى سائرا نحو الحقيقة، ولكن نحن المساكين قد تشبثنا بأقوالك وتدبرناها، وما برحنا نظنها حكمة باهرة وهي - أنت تعلمين - ظلمة تضيع العاقلة وتخفي الأمل.
أنت تعلمين الآن أن للحماقة والشر والظلم أسبابا جميلة، ونحن لا نرى جمالا إلا بظواهر الحكمة ونتاج الفضيلة وثمار العدل.
अज्ञात पृष्ठ